قيل (١): الشرك على أقسام: أعظمها اعتقاد شريك لله في الذات، ويليه أعتقاد شريك لله في الفعل، كقول من يقول: العباد خالقون أفعالهم الاختيارية، ويليه الشرك في العبادة، وهو الرياء، وهذا هو المراد بحديث:"من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري .. تركته وشركَه" بفتح الكاف؛ أي: مع شريكه، والضمير في "تركته" لمن، يعني أن المرائي في طاعته آثم، لا ثواب له فيها.
قال الشيخ أبو حامد رحمه الله: إذا كان مع الرياء قصد الثواب راجحًا .. فالذي نظنه - والعلم عند الله - أن لا يحبط أصل الثواب، ولكن ينقص منه، فيكون الحديث محمولًا على ما إذا تساوى القصدان، أو يكون قصد الرياء أرجح.
قال الكلاباذي رحمه الله: العمل إذا صح في أوله. لم يضره فساد بعد، ولا يحبطه شيء دون الشرك؛ لأن الرياء: هو ما يفعل العبد من أوله ليرائي به الناس، ويكون ذلك قصده ومراده عند أهل السنة والجماعة، لقوله تعالى:{خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} ولو كان الأمر على ما زعم المعتزلة: من إحباط الطاعات بالمعاصي .. لم يجز اختلاطها واجتماعها، كذا في "شرح المشارق" لابن الملك.
قال في "الأشباه": لو افتتح الصلاة خالصًا لله تعالى، ثم دخل في قلبه الرياء، فهو على ما افتتح، والرياء: أن يكون الشخص بحيث لو خلا عن الناس لا يصلي، وإذا كان معهم يصلي، فأما لو صلى مع الناس يحسنها، ولو صلى وحده .. لا يحسن، فله ثواب أصل الصلاة دون الإحسان، ولا يدخل الرياء في الصوم. انتهى.
فعلى العاقل أن يجتهد في طريق المراقبة والمشاهدة، حتى يلاحظ الله تعالى في كل فعل باشره من مأموراته، ولا يلاحظ غيره من مخلوقاته، حتى إن الراعي إذا صلى عند الأغنام، لا يلتفت إليها، إذ وجودها وعدمها سواء، فالرياء