للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحياة، وأطعمكم ما عشتم ودمتم في الدنيا، {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} في الدنيا وقت انقضاء آجالكم {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} يوم القيامة بالنفخة الأخيرة، ليجازيكم بما عملتم في الدنيا من الخير والشر، فهو سبحانه المختص بهذه الأشياء.

ثم وبخ هؤلاء المشركين، الذين يعبدون الآلهة والأصنام، التي لا تخلق ولا ترزق، ولا تحمى ولا تميت بقوله: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ} التي زعمتم أنها شركاء لله، وأضاف الشركاء إليهم لأنهم كانوا يسمونهم آلهة، ويجعلون لهم نصيبًا من أموالهم. {مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ} المذكور من الخلق والرزق والإماتة والإحياء.

{مِنْ شَيْءٍ}؛ أي (١): لا يفعل أحد قط شيئًا من تلك الأفعال، والاستفهام فيه: للإنكار بمعنى النفي، و {مِنْ} الأولى والثانية، تفيدان شيوع الحكم في جنس الشركاء والأفعال، والثالثة مزيدة لتعميم المنفي، وكل منها مستعملة للتأكيد، لتعجيز الشركاء، والتقدير: من الذي يفعل شيئًا من ذلكم من شركائكم؟ ومعلوم أنهم يقولون: ليس فيهم من يفعل شيئًا من ذلك، فتقوم عليهم الحجة.

والمعنى: أي هل من آلهتكم وأوثانكم الذين جعلتموهم شركاء لي في العبادة من يخلق أو يرزق أو ينشر الميت يوم القيامة؟ وإجمال المعنى: أن شركاءكم لا يفعلون شيئًا من ذلك، فكيف يعبدون من دون الله تعالى.

ثم برأ سبحانه نفسه من هذه الفرية التي افتروها فقال: {سُبْحَانَهُ} أي: تنزه الله، أو نزهوه تنزيهًا بليغًا {وَتَعَالَى} تعاليًا كبيرًا {عَمَّا يُشْرِكُونَ}؛ أي: عن إشراك المشركين؛ أي: تنزه عن الشريك، فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.

وقرأ الجمهور (٢): {يشركون} بياء الغيبة، والأعمش، وابن وثاب: بتاء الخطاب.


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.