قوله تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى، لمَّا (١) ذكر العرب بما أنعم عليهم من بناء البيت، وجَعْلِهِ مثابةً للناس وأمْنًا، وبدعاء إبراهيم عليه السلام لقاطن هذا البلد الحرام باستجابته تعالى دعاءَه، إذ جعله بلدًا آمنًا تجبى إليه الثمرات من شاسع الأقطار؛ ليتمتَّع بها أهله، وبعهده إلى إبراهيم وإسماعيل بأن طهّرا بيته للطائفين، والعاكفين، والركّع السجود؛ تنبيهًا لهم إلى أنه لا ينبغي أن يعبد فيه غيره، فيجب تنزيهه عن الأصنام، والتماثيل، وعبادتها الفاسدة انتقل بهم إلى التذكير بأنَّ الذي بنى البيت هو أبوهم إبراهيم الخليل، بمعونة ابنه إسماعيل عليهما السلام؛ ليجذبهم بذلك إلى الاقتداء بسلفهم الصالح الذي ينتمون إليه، ويفاخرون به، وقد كانت قريشٌ تنتسب إلى إبراهيم وإسماعيل، وتدِّعي أنها على ملّة إبراهيم، وسائر العرب في ذلك تَبَعٌ لقريش.