الكواكب على الدوام لمصالح الإنسان ومنافعهم منها، وتسخير الملائكة بأن الله تعالى من كمال قدرته وحكمته، جعل كل صنف من الملائكة موكلين على نوع من المدبرات وعونًا لها، كالملائكة الموكلين على الشمس والقمر والنجوم وأفلاكها، والموكلين على السحاب والمطر، وقد جاء في الخبر:"إن على كل قطرة من المطر موكلًا من الملائكة لينزلها حيث أمر". والموكلين على البحور والفلوات والرياح والملائكة الكتاب للناس الموكلين عليهم.
ومنها المعقبات من بين أيديهم ومن خلفهم، يحفظونهم من أمر الله، حتى جعل على الأرحام ملائكةً، فإذا وقعت نطفة الرجل في الرحم. يأخذها الملك بيده اليمنى، وإذا وقعت نطفة المرأة .. يأخذها الملك بيده اليسرى، وإذا أمر بمشجها .. يمشج النطفتين، وذلك قوله تعالى:{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} والملائكة الموكلون على الجنة والنار، كلهم مسخرون لمنافع الإنسان ومصالحهم، حتى الجنة والنار مسخرتان لهم تطميعًا وتخويفًا؛ لأنهم يدعون ربهم خوفًا وطمعًا.
{و} سخر لكم {مَا فِي الْأَرْضِ} من الجبال والصحارى والبحار والأنهار والحيوانات والنباتات والمعادن، بأن مكنكم من الانتفاع بها بوسط أو بغير وسط، فيدخل في ذلك جميع مخلوقات الأرض المسخرة لبني آدم، من الأحجار والتراب والزرع والشجر، والثمر والحيوانات التي ينتفعون بها، والعشب الذي يرعون فيه دوابهم، وغير ذلك مما لا يحصى كثرةً.
فالمراد بالتسخير: جعل المسخر بحيث ينتفع به المسخر له، سواء كان منقادًا له وداخلًا تحت تصرفه أم لا، {و} أن الله {أَسْبَغَ} وأتم وأكمل {عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} يقال: سبغت النعمة: إذا تمت وكملت وكثرت.
وقرأ ابن عباس ويحيى بن عمارة (١): {وأصبغ} بالصاد، وهي لغة لبني كلب يبدلونها من السين إذا جامعت الغين أو الخاء أو القاف صادًا، وباقي