وإسكان لام الأهلة بعدها همزة وورش على أصله من نقل حركة الهمزة وحذف الهمزة، وقرىء شاذًا بإدغام نون عن في لام الأهلة بعد النقل والحذف، و {الْأَهِلَّةِ} جمع هلال، وهو اسم لما يبدو أول الشهر، ويسمى بالهلال ليلتين أو ثلاثًا، وبعد ذلك يسمى: قمرًا، وسمي هلالًا؛ لأن الناس يرفعون أصواتهم عند رؤيته، وإنما جمعها نظرًا إلى هلال كل شهر، أو كل ليلة تنزيلًا لاختلاف الأوقات منزلة اختلاف الذوات.
{قُلْ} لهم يا محمد {هِيَ}: الأهلة {مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ}؛ أي: علامات لأوقات أغراض الناس الدينية والدنيوية {و} علامات لأوقات {الحج}؛ يعني أن الحكمة في زيادة القمر ونقصانه: زوال الالتباس عن أوقات أغراض الناس في متاجرهم وآجال ديونهم وعدد نسائهم، وأيام حيضهن، وأجور أجرائهم، ومدد حواملهم، وصومهم وفطرهم، وأوقات زرعهم، ودخول وقت الحج وخروجه، وإنما أفرد الحج بالذكر مع دخوله في بقية الأغراض .. اعتناء بشأنه من حيث أن الوقت أشد لزومًا له من بقية العبادات: وذلك لأنه لا يصح فعله أداء ولا قضاء إلا في وقته المعلوم، وأما غيره من العبادات، فلا يتقيد قضاؤه بوقت أدائه، وقرأ الجمهور:{وَالْحَجِّ} بفتح الحاء، وقرأ ابن أبي إسحاق - شذوذًا - بكسرها في جميع القرآن.
{وَلَيْسَ الْبِرُّ} والخير {بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ} وتدخلوا في حال الإحرام. {مِنْ ظُهُورِهَا} وسطوحها وخلفها كما فعلوا ذلك في الجاهلية وصدر الإِسلام، فكان (١) الرجل إذا أحرم بالعمرة أو الحج .. لم يحل بينه وبين السماء شيء، فإن كان من أهل المدر .. نقب نقبًا في ظهر بيته يدخل منه، أو يتخذ سلمًا ليصعد، وإن كان من أهل الوبر .. دخل وخرج من خلف الخباء، ولا يدخل ولا يخرج من الباب، وكان إذا عرضت له حاجة في بيته .. لا يدخل من باب الحجرة من أصل سقف الباب مخافة أن يحول بينه وبين السماء شيء، فيفتح الجدار من