{الصابون} بغير همز جمع صابىء من صبأ إذا خرج من الدين، وهم قوم عدلوا عن دين اليهودية، والنصرانية، وعبدوا الكواكب، والملائكة، فكانوا كعبدة الأصنام، وإن كانوا يقرؤون الزبور، لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم.
فإن قلت: لم قدم النصارى على الصابئين هنا. وعكس في المائدة والحج؟.
قلت: لأن النصارى مقدمون على الصابئين في الرتبة؛ لأنهم أهل كتاب، فقدموا في البقرة لكونها أولا، والصابئون مقدمون على النصارى في الزمن، فقدموا في الحج، وروعي في (المائدة) المعنيان فقدموا في اللفظ وأخروا في المعنى إذ التقدير: والصابئون كذلك، كما في قول الشاعر:
فمن يك أمس في المدينة رحله ... فإنّي وقيّار بها لغريب
إذ التقدير: فإني لغريب بها وقيّار كذلك. اه. «فتح الرحمن». وروي أنه جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: لم يسمّى الصابئون صابئين؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لأنهم إذا جاءهم رسول أو نبي أخذوه، وعمدوا إلى قدر عظيم فأغلوه، حتى إذا كان محمى صبّوه على رأسه حتى ينفسخ». كذا في «روضة العلماء». واختلف القرّاء فيه، فهمزوه جميعا إلا نافعا، فمن همزه جعله من صبأت النجوم إذا طلعت، ومن لم يهمزه جعله من صبا يصبو إذا مال {مَنْ} مبتدأ خبره فلهم أجرهم، والجملة خبر إن؛ أي: من {آمَنَ} من هؤلاء الكفرة {بِاللَّهِ} وبما أنزل على جميع النبيين، ويجوز أن تكون من في موضع نصب بدلا من الذين أمنوا وما بعده؛ أي: من صدّق منهم بوحدانية الله سبحانه وتعالى {وَ} بمجيء {الْيَوْمِ الْآخِرِ} مع ما فيه من البعث، والحساب، والميزان، والمجازاة، وغيرها؛ أي: من أحدث منهم إيمانا خالصا بالمبدإ والمعاد على الوجه اللائق، ودخل في ملة الإسلام دخولا حقيقيّا {وَعَمِلَ} عملا {صالِحًا} مرضيا مقبولا عند الله تعالى.
قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥)} ودخلت الفاء في قوله: {فَلَهُمْ}؛ لتضمن اسم إنّ معنى الشرط {أَجْرُهُمْ} الموعود لهم؛ أي: ثواب أعمالهم مدّخرا لهم {عِنْدَ رَبِّهِمْ}؛ أي: مالك أمرهم