للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرجعة، ثم الطلاق، ثم الرجعة، ثم الطلاق على سبيل الضرار، فنهى عن هذه الفعلة القبيحة بخصوصها تعظيمًا لهذا المرتكب السيء الذي هو أعظم إيذاء للنساء حتى تبقى عدتها في ذوات الأشهر تسعة أشهر.

{لِتَعْتَدُوا}؛ أي: لكي تظلموهن بتطويل العدة عليهن، أو بالإلجاء إلى الافتداء بالمال، واللام متعلق بضرارًا؛ إذ المراد تقييده وتعليله، وقيل: غير ذلك كما سنبينه في بحث الإعراب.

{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} الإمساك المؤدي إلى الضرار والعدوان {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}؛ أي: أضر بنفسه بمخالفة أمر الله، وتعريضها لعقاب الله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا} أيها الأزواج {آيَاتِ اللَّهِ}؛ أي: أحكامه التي بينها بوحيه وتنزيله من أمره ونهيه وحلاله وحرامه {هُزُوًا}؛ أي: استهزاء ولعبًا؛ أي: مهزوءًا بها، ومتروكًا العمل بها بالإعراض عنها، والتهاون بالعمل بما فيها من قولهم لمن لم يجدّ في الأمر: إنما أنت هازىء، كأنه نهى عن الهزء، وأراد به الأمر بضده؛ أي: جدوا (١) في الأخذ بها والعمل بما فيها، وارعوها حق رعايتها، وإلا فقد أخذتموها هزوًا ولعبًا، فمن وجب عليه طاعة الله وطاعة رسوله، ثم وصل إليه هذه الأحكام التي تقدم ذكرها في العدة والرجعة والخلع وترك المضارة .. فلا يتخذها هزوا، ففيه تهديد عظيم ووعيد شديد.

وعن أبي هريرة (٢) رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة" أخرجه أبو داود والترمذي.

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كان الرجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: زوجتك ابنتي، ثم يقول: كنت لاعبًا، ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبًا، فأنزل الله سبحانه: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من قالهن لاعبًا أو غير لاعب فهن جائزات عليه: الطلاق والنكاح والعتاق".


(١) الجمل.
(٢) الشوكاني.