للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحالين إما خطاب المعدوم، أو تحصيل الحاصل؛ أي: إذا أردنا وجود شيء فليس إلا أن نقول له احدث فهو يحدث بلا توقف.

والمعنى: أي (١) إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت. فلا تعب علينا ولا نصب في إحيائه ولا بعثه؛ لأنا إذا أردنا ذلك .. فإنما نقول له كن فيكون، لا معاناة فيه ولا كلفة علينا، ونحو الآية قوله: {فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، وقوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وقوله: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}.

وخلاصة هذا: أنه تعالى مثل حصول المقدورات وفق مشيئته، وسرعة حدوثها حين إرادته سرعة حصول المأمور حين أمر الآمر، وقوله دون هوادة ولا تراخ، ولكن العباد (٢) خوطبوا بذلك على قدر عقولهم، ولو أراد الله خلق الدنيا وما فيها في قدر لمح البصر .. لقدر على ذلك، فالمعنى: إنما إيجادنا لشيء عند تعلق إرادتنا به أن نوجده في أسرع ما يكون، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وحمزة {فَيَكُونُ} رفعًا، وكذلك في كل القرآن، وقرأ ابن عامر والكسائي: {فيكون} نصبًا، قال مكيٌّ بن إبراهيم: من رفع قطعه عما قبله.

والمعنى: فهو يكون، ومن نصب عطفه على يقول. والله أعلم.

الإعراب

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٢٥)}.

{وَإِذَا} {الواو}: استئنافية {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {قِيلَ} فعلٌ ماض مغير الصيغة، {لَهُمْ}: متعلق به، {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}: نائب فاعل محكي، وإن شئت قلت: {مَاذَا}: اسم استفهام مركب في محل النصب مفعول مقدم وجوبًا، {أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل الرفع نائب


(١) المراغي.
(٢) المراح.