للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خالق الإصباح من الفلق بمعنى الخلق يعني: أن الله سبحانه وتعالى مبدي ضوء الإصباح وخالقه ومنوره.

وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وأبو رجاء (١): {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} بفتح الهمزة. وقرأ الجمهور بكسرها، وهو على قراءة الفتح جمع: صبح، وعلى قراءة الكسر مصدر: أصبح. وقرأت فرقة بنصب: {الإصباحَ} وحذف تنوين {فالق}، وسيبويه إنما يجوز هذا في الشعر نحو قوله:

وَلاَ ذَاكِرَ الله إلا قَلِيْلًا

حذف التنوين لالتقاء الساكنين، والمبرد يجوزه في الكلام. وقرأ النخعي وابن وثاب وأبو حيوة: {فلق الإصباح} بفعل ماضٍ، وهمزة مكسورة.

{وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}؛ أي: وجعل سبحانه وتعالى الليل وقت سكون وراحة وطمأنينة للخلق؛ لأن الناس يسكنون فيه عن الحركة في معاشهم، ويستريحون من التعب والنصب الحاصل لهم بشغل النهار.

وقرأ عاصم وحمزة والكسائي على صيغة الماضي، والباقون على صيغة اسم الفاعل. وقرأ يعقوب ساكنًا. {و} جعل سبحانه وتعالى {الشمس والقمر} جاريين بـ {حُسْبَانًا}؛ أي: بحساب مقدر لا يزيد ولا ينقص؛ أي: قدر (٢) الله تعالى حركة الشمس بمقدار معين من السرعة والبطء، بحيث تتم الدورة في سنة، وقدَّر حركة القمر بحيث تتم الدورة في شهر، وبهذه المقادير تنتظم مصالح العالم في الفصول الأربعة، وبسببها يحصل ما يحتاج إليه من نضج الثمار وحصول الغلات وأمور الحرث والنسل، والمعنى: جعلهما علامتي حساب وعد للأوقات، تتعلق بهما مصالح العباد، تحسب بهما الأوقات التي تتعلق بها العبادات والمعاملات، وسيَّرهما على تقدير لا يزيد ولا ينقص، ليدل عباده بذلك على عظيم قدرته وبديع صنعه.

وقرأ الجمهور بنصب {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} على إضمار فعل؛ أي: وجعل


(١) البحر المحيط.
(٢) المراح.