للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبول الزيادة عليه، ويدل على ذلك، ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "لأزيدن على السبعين" وذكر بعضهم لتخصيص السبعين وجهًا، فقال: إن السبعة عدد شريف؛ لأنها عدد السموات والأرضين والبحار والأقاليم والنجوم السيارة، والأعضاء السبعة، وأيام الأسبوع، فصير كل واحد من السبعة إلى عشرة؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وقيل: خصت السبعين بالذكر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كبر على عمه حمزة سبعين تكبيرة، فكأنه قال: إن تستغفر لهم سبعين مرة، بإزاء تكبيراتك على حمزة {ذَلِكَ}؛ أي: امتناع المغفرة لهم، ولو بعد المبالغة في الاستغفار، ليس لعدم الاعتداد باستغفارك، بل بسبب {بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} وفي "الكرخي" {ذَلِكَ}؛ أي: اليأس من الغفران لهم، بسبب أنهم كفروا بالله ورسوله، لا ببخل منا، أو قصورٍ فيك، بل لعدم قابليتهم، بسبب الكفر الصارف عنها. اهـ؛ أي: ذلك المذكور بسبب (١) جحودهم وحدانية الله تعالى، وعدم إيقانهم بما وصف به تعالى نفسه، من العلم بالسر والنجوى وسائر الغيوب، وجحودهم وحيه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وبما أوجبه من أتباعه، وجحودهم بعثه للموت، وجزاءهم على أعمالهم، لم يعف عن ذنوبهم، ولا عمَّا دسُّوا به أنفسهم من الآثام والمعاصي {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}؛ أي: المتمردين الخارجين عن الطاعة، المتجاوزين لحدودها، والمراد (٢) هنا: الهداية الموصلة إلى المطلوب، لا الهداية التي بمعنى الدلالة وإراءة الطريق؛ أي: أنَّ سنة الله سبحانه قد جرت فيمن أصرُّوا على فسوقهم، وتمرَّدوا في نفاقهم، وأحاطت بهم خطاياهم، أن يفقدوا الاستعداد للتوبة والإيمان، فلا يهتدون إليهما سبيلًا.

والمعنى: والله لا يوفق للإيمان به وبرسوله من اختار الكفر والخروج عن طاعة الله، وطاعة رسوله، وهو كالدليل على الحكم السابق، فإن مغفرة الكافر بالإقلاع عن الكفر، والإرشاد إلى الحق، والمنهمك في كفره المطبوع عليه، لا ينقلع ولا يهتدي، والتنبيه على عذر الرسول في استغفاره، وهو عدم يأسه من


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.