والحاكم وغيرهما، عن قتادة بن النعمان قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق - بشر وبشير ومبشر - وكان بشير رجلًا منافقًا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ينحله بعض العرب يقول: قال فلان كذا، وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإِسلام، وكان الناس إنَّما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملًا من الدرمك - الدقيق الأبيض - فجعله في مشربة له فيها سلاح ودرع وسيف، فعدي عليه من تحت، فنقبت المشربة، وأخذ الطعام والسلاح، فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي إنَّه قد عدي علينا في ليلتنا هذه، فنقبت مشربتنا وذهب بطعامنا وسلاحنا، فتجسسنا في الدار، وسألنا فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم، فقال: بنو أبيرق ونحن نسأل في الدار، والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل، رجل منا له صلاح وإسلام، فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق، والله ليخالطنكم هذا السيف، أو لتبينن هذه السرقة، قالوا: إليك عنا أيها الرجل، فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك، فأتيته فقلت: أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي فنقبوا مشربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، وأمَّا الطعام فلا حاجة لنا فيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سأنظر في ذلك، فلما سمع بنو أبيرق أتوا رجلًا منهم يقال له أسير بن عروة، فكلموه في ذلك، فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يا رسول الله إن قتادة بن النعمان وعمه عَمَد إلى أهل إسلام وصلاح، يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا تثبت، قال قتادة: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير تثبت وبينة؟ فرجعت فأخبرت عمي فقال: الله المستعان، فلم نلبث أن نزل القرآن: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥)} بني أبيرق {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}؛ أي: مما قلت لقتادة إلى قوله: {عَظِيمًا} فلما نزل القرآن أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسلاح فرده إلى رفاعة، ولحق بشير بالمشركين، فنزل على سلافة بنت سعد، فأنزل الله عز وجل: {وَمَن