صيام عدد ما أفطر من رمضان للمرض أو للسفر {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؛ أي: من أيام غير رمضان قضاءً عما أفطر في رمضان، وقرىء {عدةً} بالنصب؛ أي: فليصم عدة من أيام أخر، ولو مفرقًا. وعن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أنه قال: إن الله تعالى لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه إن شئت فَوَاتِر، وإن شئت فَفَرق، وروي أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: علي أيام من رمضان فيجزيني أن أقضيها متفرقة، فقال له:"أرأيت لو كان عليك دين فقضيته الدرهم والدرهمين أما كان يجزيك"؟ قال: نعم، قال:"فالله أحق أن يعفو ويصفح".
وعن عائشة أن حمزة الأسلمي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، هل أصوم على السفر؟ فقال:"صم إن شئت، وأفطر إن شئت" وروى الشافعي أن عطاء قال لابن عباس: أقصر إلى عرفة؟ فقال: لا، فقال: إلى مر الظهران؟ فقال: لا، لكن أقصر إلى جدة وعسفان والطائف. قال مالك: بين مكة وجدة وعسفان أربعة برد.
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}؛ أي: يقدرون على الصوم بأن لم يكن لهم عذر مرضٍ ولا سفر؛ أي: القادرين على الصوم إن أفطروا {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ أي: جزاء وضمان قدر ما يأكله مسكين واحد في يوم واحد، يعطيه للمسكين بدل كل يوم من رمضان؛ وهو مدٌّ من غالب قوت بلده.
وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية (١)، هل هي محكمة أو منسوخة؟ فقيل: إنها منسوخة، وإنما كانت رخصة عند ابتداء فرض الصيام؛ لأنه شق عليهم؛ لأنهم لم يتعودوا الصيام، فرخص لهم في الإفطار، فكان من أطعم كل يوم مسكينًا .. ترك الصوم وهو يطيقه، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وهذا قول الجمهور.
وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية: {وَعَلَى