للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الآخرة إن عبدوه، مفعول {يَعْبُدُونَ}. والنفع (١): ما يستعان به في الوصول إلى الخيرات، وما يتوصل به إلى الخير فهو خير، والنفع الخير، وضده الضر {وَلَا يَضُرُّهُمْ} فيهما إن لم يعبدوه، وما ليس من شنه النفع والضر أصلا وهو الأصنام وما في حكمها من المخلوقات؛ إذ ما من مخلوق يستقل بالنفع والضر فلا فائدة في عبادته، والاعتماد عليه واتباعه.

والمعنى: أي (٢) ويعبد هؤلاء المشركون من دون الله آلهة لا تنفعهم إذا هم عبدوها, ولا تضرهم إن تركوا عبادتها، فهم عبدوها لمجرد التشهي والهوى، وتركوا عبادة من أنعم عليهم بهذه النعم التي لا كفاء لأدناها، ومن ذلك ما ذكره قبل بقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ...} إلى آخر الآيات.

ثم ذكر لهم جرمًا آخر، فقال: {وَكَانَ الْكَافِرُ} بشركه وعدوانه للحق {عَلَى رَبِّهِ} الذي رباه بنعمته، متعلق بقوله: {ظَهِيرًا}؛ أي: عونًا للشيطان، فالظهير بمعنى المظاهر؛ أي: المعين، والمظاهرة على الرب هي المظاهرة على رسوله أو على دينه، قال الزجاج: لأنه يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الله تعالى؛ لأن عبادتهم للأصنام معاونة للشيطان. والمراد (٣) بالكافر الجنس، أو أبو جهل، فإنه أعان الشيطان على الرحمن في إظهار المعاصي، والإصرار على عداوة الرسول، وتشجيع الناس على محاربته ونحوها. وقال أبو عبيدة: المعنى: وكان الكافر على ربه هينًا ذليلًا.

والمعنى: أي وكانوا مظاهرين للشيطان على معصية الرحمن، وذلك دأبهم وديدنهم، فهم يعاونون المشركين، ويكونون أولياء لهم على رسوله، وعلى المؤمنين بمساعدتهم على الفجور وارتكاب الآثام، وخذلان المؤمنين إذا أرادوا منعها والتنفر منها كما قال: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ}.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.