للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبذلك المداد كلمات الله.

وجواب {لو} {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}؛ أي: ما فنيت كلماته التي هي عبارة عن معلوماته، بل نفذت تلك الأقلام وذلك المداد قبل نفاذها، وإيثار جمع القلة في الكلمات للإيذان بأن ما ذكر لا يفي بالقليل من كلمات الله، فكيف بالكثير منها.

قال أبو علي الفارسي: المراد (١) بالكلمات - والله أعلم - ما في المقدور، دون ما خرج منه إلى الوجود، ووافقه القفال، فقال: المعنى أن الأشجار لو كانت أقلامًا، والبحار مدادًا، فكتب بها عجائب صنع الله الدالة على قدرته ووحدانيته .. لم تنفد تلك العجائب، قال القشيري: رد القفال معنى الكلمات إلى المقدورات، وحمل الآية على الكلام القديم أولى، وهو الظاهر من النظم القرآني.

وفي "التأويلات النجمية": المعنى (٢): لو أن ما في الأرض من الأشجار أقلام، والبحر يصير مدادًا، وبمقدار ما يقابله ينفق القرطاس، ويتكلف الكتاب، حتى تنكسر الأقلام، وتفنى البحار، وتستوفى القراطيس، ويفنى عمر الكتاب .. ما نفدت معاني كلام الله تعالى؛ لأن هذه الأشياء وإن كثرت فهي متناهية، ومعاني كلامه لا تتناهى؛ لأنها قديمة، والمحصور لا يفي بما لا حصر له، انتهى. وقد قصر من جعل الأرض قرطاسًا.

وقال النحاس (٣): قد تبين أن الكلمات هنا يراد بها العلم وحقائق الأشياء، لأنه جل وعلا علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السماوات والأرض من شيء، وعلم ما فيه من مثاقيل الذر، وعلم الأجناس كلها، وما فيها من شعرة وعضو، وما في الشجرة من ورقة، وما فيها من ضروب الخلق.

والمعنى عليه (٤): أي ولو أن أفنان الأشجار وأغصانها بريت أقلامًا وجُعل


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) المراغي.