من الجدب والقحط، وبه رزقهم وبقاؤهم، كما مر، ولا يسمى بالغيث إلا المطر النافع.
{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} جمع رحم، والرحم: بيت منبت الولد ووعاؤه.
{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ} والدراية: المعرفة المدركة بضرب من الحيل، ولذا لا يوصف الله سبحانه بها, ولا يقال: الله الداري.
وأما قول الشاعر:
لَا هُمَّ لَا أَدْرِيْ وَأنْتَ الدَّارِيْ
فقول عربي جلف جاهل، جاهل بما يطلق على الله من الصفات، وما يجوز منها وما يمتنع، أو بطريق المشاكلة، كما في قوله تعالى:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}.
{مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} والكسب: ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ، مثل كسب المال، وقد يستعمل فيما يظن الإنسان أن يجلب به منفعةً أو يدفع به مضرة، والغد: اليوم يلي يومك الذي أنت فيه، كما أن أمس اليوم الذي قبل يومك بليلة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المجاز المرسل في قوله: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ} حيث أطلق الجزء وأراد الكل؛ لأن الوجه هنا بمعنى الذات، لا خصوص العضو الذي تقع به المواجهة.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} فقد مثل حال المتوكل المشتغل بالطاعة، بحال من أراد أن يتدلى من جبل شاهق، فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه، وقيل: هو