حملكم إلى أن عدتم الأنفال وهي من المثاني إلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)}، ووضعتموها في السبع الطوال؟! فقال عثمان: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم تنزل عليه السورة ذات العدد، فكان إذا أنزل عليه الشيء، دعا بعض من كان يكتب، فيقول:«ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا». وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يبيّن لنا أنّها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)} ووضعتها في السبع الطوال. اه.
وفي «القرطبي»: وقال قوم من أهل العلم: إنّ تأليف سور القرآن على ما هو عليه الآن في مصحفنا، كان عن توقيف من النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمّا ما روي من اختلاف مصحف أبيّ، وعليّ، وعبد الله؛ فإنّما كان قبل العرض الأخير، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم رتّب لهم تأليف السور، بعد أن لم يكن فعل ذلك. روى يونس، عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: (إنّما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم). وذكر أبو بكر الأنباري: في كتاب «الرد»: أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا، ثم فرّق على النبي صلّى الله عليه وسلم في عشرين سنة، وكانت السورة تنزل؛ في أمر يحدث، والآية؛ جوابا لمستخبر يسأل، ويوقف جبريل النبي صلّى الله عليه وسلم