للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مضاعفة أجرهن.

فائدة: فإن قلت: لِمَ خص الله سبحانه نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بتضعيف العقوبة على الذنب، والمثوبة على الطاعة؟

قلت: أما الأول: فلأنهن يشاهدن من الزواجر الرادعة عن الذنوب ما لا يشاهده غيرهن، ولأن في معصيتهن أذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذنب من آذى رسول الله أعظم من ذنب غيره، وأما الثاني: فلأنهن أشرف من سائر النساء؛ لقربهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت الطاعة منهن أشرف، كما أن المعصية منهن أقبح. اهـ "فتح الرحمن".

وقيل: معنى {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ}؛ أي: مرة (١) على الطاعة والتقوى لله سبحانه، وأخرى على طلبهن رضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقناعة وحسن المعاشرة.

وقرأ الجمهور (٢): {وَمَنْ يَقْنُتْ} بالياء التحتية حملًا على لفظ {مَن} {وَتَعْمَلْ} بالتاء الفوقية حملًا على المعنى، و {نُؤْتِهَا} بنون العظمة. وقرأ الجحدري والأسواري ويعقوب في رواية: {ومن تقنت} بتاء التأنيث حملًا على المعنى، وبها قرأ ابن عامر في رواية رواها أبو حاتم عن أبي جعفر وشيبة ونافع. وقرأ السلمي وابن وثاب وحمزة والكسائي بالتحتية في ثلاثتها {يقنت}، {يعمل}، {يؤتها}.

{وَأَعْتَدْنَا}؛ أي: هيأنا. {لَهَا}؛ أي: لمن يقنت منكن لله ورسوله في الجنة زيادة على أجرها المضاعف. {رِزْقًا كَرِيمًا}؛ أي: رزقًا حسنًا مرضيًا، وفيه (٣) إشارة إلى أنَّ الرزق الكريم في الحقيقة هو نعيم الجنة، فمن أراده يترك التنعم في الدنيا، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ: "إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بمتنعمين" يعني: أن عباد الله الخلص لا يرضون نعيم الدنيا بدل نعيم الآخرة، فإن نعيم الدنيا فانٍ.

والمعنى: أي ومن تطع منكن الله ورسوله، وتعمل صالح الأعمال .. نضاعف لها الأجر والمثوبة لكرامتها علينا بوجودها في بيت النبوة، ومنزل الوحي، ونور


(١) أبو السعود.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.