للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: الذنب المدنس للأعراض {أَهْلَ الْبَيْتِ}؛ أي: يا أهل بيت الرسول الكريم، والمراد بهم: من حواه بيت النبوة رجالًا ونساءً، وهذا تعليل مستأنف لأمرهن ونهيهن، ولذلك عمم الحكم بتعميم الخطاب لغيرهن بقوله: {عَنْكُمُ}، وصرح بالمقصود حيث قال: {أَهْلَ الْبَيْتِ}؛ أي: إنما أوصاكن الله - سبحانه - بما أوصاكن من التقوى، وأن لا تخضعن بالقول، ومن قول المعروف، والسكون في البيوت، وعدم التبرج، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله؛ ليذهب عنكم الرجس أهل البيت. والمراد بالرجس: الإثم والذنب المدنسان للأعراض، الحاصلان بسبب ترك ما أمر الله به، وفعل ما نهى عنه، فيدخل في ذلك كل ما ليس فيه لله رضًا، وانتصاب {أَهْلَ الْبَيْتِ} على المدح، أو على حذف حرف النداء.

{وَيُطَهِّرَكُمْ} من الأرجاس والأدران {تَطْهِيرًا} كاملًا، وفي استعارة الرجس للمعصية، والترشيح لها بالتطهير، تنفيرٌ عنها بليغ، وزجر لفاعلها شديد.

والمعنى: أي إنما يريد الله بذلك ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت الرسول، ويطهركم من دنس الفسق والفجور الذي يعلق بأرباب الذنوب والمعاصي.

وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت المذكورين في الآية (١)، فقال ابن عباس وعكرمة وعطاء والكلبي ومقاتل وسعيد بن جبير: إن أهل البيت المذكورين في الآية هن: زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصةً، قالوا: والمراد بالبيت: بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومساكن زوجاته لقوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ}، وأيضًا السياق في الزوجات من قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إلى قوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}، وسيأتي بيان أسماء زوجاته - صلى الله عليه وسلم -، وبيان ترتيبها في الزواج في الفصل الآتي.

وقال أبو سعيد الخدري ومجاهد وقتادة، وروي عن الكلبي: أن أهل البيت المذكورين في الآية هم: علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة، ومن حججهم: الخطاب في الآية بما يصلح للذكور لا للإناث، وهو قوله: {عنكم وليطهركم}،


(١) الشوكاني.