تمضي في الأمر قدمًا؛ تعجيلًا لتنفيذ كلمته، وتقرير شرعه.
ثم زاد الأمر بيانًا بقوله:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا}؛ أي: تخفي في نفسك ذلك الأمر مخافة من الناس، فلما قضى زيد من زوجته زينب وطرًا، ولم يبق له فيها حاجة، والمراد: قضى وبلغ وأتم وطره منها بنكاحها، والدخول بها بحيث لم يبق له فيها حاجة، وتقاصرت همته عنها، وطلقها وانقضت عدتها.
وفي "التأويلات"(١): أما وطر زيد منها في الصورة: استيفاء حظه منها بالنكاح، ووطره منها في المعنى: شهرته بين الخلق إلى قيام الساعة، بأن الله تعالى ذكره باسمه في القرآن، دون جميع الصحابة، وبأنه آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه بإيثار زينب له.
وفي "الأسئلة المقحمة": كيف طلق زيد زوجته بعد أن أمر الله ورسوله بإمساكه إياها؟
والجواب: ما هذا الأمر للوجوب واللزوم، وإنما هو للاستحسان.
{زَوَّجْنَاكَهَا} يا محمد؛ أي: جعلناها زوجة لك، هلال ذي القعدة سنة أربع من الهجرة على الصحيح، وهي بنت خمس وثلاثين سنة، والمراد: الأمر بتزويجها، أو جعلها زوجته بلا واسطة عقد، ولا تقدير صداق، ولا شيء مما يعتبر في النكاح في حق أمته؛ أي: زوجناكها, ولم نحوجك إلى وليٍّ يعقد لك عليها تشريفًا لك ولها.
ويؤيده ما روى أنس رضي الله عنه: أنها كانت تفخر على سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سموات، وهو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -.
وروي أنها لما اعتدت .. قال رسول الله لزيد:"ما أجد أحدًا أوثق في نفسي منك، اخطب عليَّ زينب"، قال زيد: فانطلقت، فإذا هي تخمر عجينها، فقلت: يا زينب، أبشري، فإن رسول الله يخطبك، ففرحت وقالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن {زَوَّجْنَاكَهَا}، فزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -