للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشيخان بسندهما عن عائشة قالت: كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.

وأخرج ابن سعد عن أبي رزين قال: همَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك .. جعلنه في حل من أنفسهم، يؤثر من يشاء على من يشاء، فأنزل الله تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} إلى قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ ...} الآية.

قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ...} سبب نزوله (١): ما أخرجه ابن سعد عن عكرمة قال: خيَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه، فاخترن الله ورسوله، فأنزل الله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (٢) البخاري ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بني بزينب ابنة جحش، فأشبع الناس خبزًا ولحمًا، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين، كما كان يصنع صبيحة بنائه، فيسلم عليهن، ويدعو لهن، ويسلِّمن عليه، ويدعون له، فلما رجع إلى بيته .. رأى رجلين جرى بهما الحديث، فلما رآهما .. رجع عن بيته، فلما رأى الرجلان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع عن بيته وثبا مسرعين، فما أدري أنا أخبرته بخروجهما، أم أخبِر، فرجع حتى دخل البيت، وأرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ...} الآية.

وفي رواية عنهما عن أنس قال: لما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش .. دعا القوم، فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، وقام من القوم من قام، وقعد ثلاثة، ثم انطلقوا، فجئت، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنهم انطلقوا، فجاء حتى دخل، وذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} إلى قوله: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}.


(١) لباب النقول.
(٢) البخاري ج ١٠ ص ١٤٩.