للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: أكد السلام بقوله: {تَسْلِيمًا}؛ لأنه مصدر مؤكد لعامله، ولم يؤكد الصلاة؟

قلتُ: لم تؤكد الصلاة بالمصدر؛ لأنها مؤكدة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ ...} إلخ، وقيل: إنه من الاحتباك، فحذف عليه من أحدهما، والمصدر من الآخر.

فإن قلت: لِمَ خص السلام بالمؤمنين دون الله وملائكته، فخصهما بالصلاة؟

قلتُ: لما جاءت هذه الآية عقب ذكر ما يؤذي النبي، والأذية: إنما هي من البشر ناسب التخصيص بهم والتأكيد، وإليه الإشارة بما ذكر بعده؟

فإن قلت: لِمَ خص اللهم في الصلاة الواردة، ولم يقل: يا رب ويا رحمن صلِّ؟.

قلت: خص لفظ اللهم؛ لأنه اسم جامع قال على الألوهية وعلامة الإِسلام في قوله: لا إله إلا الله، فناسب ذكره وقت الصلاة عليه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جامع لنعوت الكمال، مشتمل على أسرار الجمال والجلال.

فإن قلت: لم خص لفظ محمد فيها دون أحمد ومحمود؟

قلتُ: خص لفظ محمد من بين أسمائه؛ لأن معناه: المحمود مرة بعد أخرى، فناسب مقام المدح والثناء.

قال في "شرح الكشاف" وغيره: معنى قوله: اللهم صل على محمد: اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء دينه، وإعظام ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته، وإظهار فضله على الأولين والآخرين، وتقديمه على كافة الأنبياء والمرسلين، ومعنى سلم: اجعله يا رب سالمًا من كل مكروه في الدنيا والآخرة.

ولما لم يكن حقيقة الثناء في وسعنا .. أمرنا أن نكل ذلك إليه تعالى، فالله يصلي. ويسلم عليه بسؤالنا:

سَلَامٌ مِنَ الرَّحْمَنِ نَحْوَ جَنَابِهِ ... لأَنَّ سَلَامِي لَا يَلِيْقُ بِبَابِهِ

فإن قلت: فما الفائدة في الأمر بالصلاة؟

قلتُ: إظهار المحبة للصلاة، كما استحمد فقال: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} إظهارًا