{مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ}: والشك: اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما.
{عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}؛ أي: محافظ عليه، فإن فعيلًا ومفاعلًا صيغتان متآخيتان في إفادة المبالغة، وقيل: معناه: أي: وكيل قائم على شؤون خلقه.
{الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} قال في "القاموس": الزعم - مثلثة -: القول الحق، والباطل، والكذب، وأكثر ما يقال فيما يشك فيه، وفي "المفردات": الزعم: حكاية قول يكون مظنة الكذب، ولهذا جاء في القرآن في كل موضع ذمَّ القائلين به.
{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} وهي طلب العفو أو الفضل للغير من الغير، يعني: أن الشافع شفيع للمشفوع له في طلب نجاته، أو زيادة ثوابه، ولذا لا تطلق الشفاعة على دعاء الرجل لنفسه، وأما دعاء الأمة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤالهم له مقام الوسيلة، فلا يطلق عليه الشفاعة؛ إما لاشتراط العلو في الشفيع، وإما لاشتراط العجز في المشفوع له، وكلاهما منتفٍ هاهنا.
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} والتفزيع: إزالة الفزع، وهو انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف، وهو من جنس الجزع، ولذا لا يقال: فزعت من الله، كما يقال: خفت منه، وفي "الأساس": وفزَّع عن قلبه: كشف الفزع عنه، فالتضعيف هنا للسلب، كما يقال: قزدت البعير: أزلت قراده.
{عَمَّا أَجْرَمْنَا} الإجرام: فعل الجرم، والجرم - بالضم -: الذنب، وأصله: القطع، واستعير لكل اكتساب مكروه، كما في "المفردات".
{أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ}؛ أي: أعلموني بالدليل وجه الشركة. {كَلَّا}: كلمة للزجر عن كلام، أو فعل صدر من المخاطب.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين لفظ {يَمِينٍ} و {وَشِمَالٍ}، وبين {بَشِير} و {نَذِيرٍ}، وبين {تَسْتَقْدِمُونَ} و {تَسْتَأْخِرُونَ}.
ومنها: المشاكلة في قوله: {جَنَّتَيْنِ} وهو ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في