للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السعود". وعبارة "البيضاوي": ولا تكرير؛ لأن الأول للتكثير، والثاني: للتكذيب. انتهت.

وعبارة "الشوكاني": والأولى أن يكون من عطف الخاص على العام؛ لأن التكذيب الأول لما حذف منه المتعلق للتكذيب .. أفاد العموم، فمعناه: كذبوا الكتب المنزلة، والرسل المرسلة، والمعجزات الواضحة، وتكذيب الرسل أخص منه، وإن كان مستلزمًا له، فقد روعيت الدلالة اللفظية، لا الدلالة الالتزامية. وقوله: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} معطوف على محذوف، قدَّره البيضاوى بقوله: فحين كذبوا رسلي .. جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال، فكيف كان نكيري لهم؛ أي: إنكاري عليهم؛ أي: هو واقع موقعه، فهو في غاية العدل، خالٍ عن الجور والظلم، فأي شيء خطر هؤلاء، بجنب أولئك، فليحذروا من مثل ذلك بتصديق محمد - صلى الله عليه وسلم -، والنكير: اسم مصدر بمعنى الإنكار؛ أي: إنكار المنكر وإزالته بالعقوبة في الدنيا، جعل تدميرهم إنكارًا تنزيلًا للفعل منزلة القول، كما في قول الشاعر:

وَنَشْتُمُ بِالأفْعَالِ لَا بِالتَّكَلُّمِ

اهـ "شهاب".

قال أبو حيان (١): {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} تعظيم للأمر، وليست استفهامًا مجردًا، وفيه تهديد لقريش؛ أي: إنهم معرضون لنكير مثله، والنكير: مصدر كالإنكار، وهو من المصادر التي جاءت على وزن فعيل، والفعل على وزن أفعل، كالنذير والعذير من أنذر وأعذر، وحذفت الياء من نكير تخفيفًا؛ لأن الكسرة أجزأت عنها.

ومعنى الآية (٢): أي ولقد كان فيمن قبلهم من الأمم البائدة، والقرون الخالية قوم نوح وعاد وثمود، وقد بلغوا من القوة والبأس ما لم يبلغوا معشاره، فكذبوا رسلي حين أرسلوا إليهم، فحل بهم النكال والوبال، ودمروا تدميرًا، ولم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا، وإنهم ليشاهدون آثارهم في حلهم وترحالهم، في غدوهم ورواحهم، كما قال في آية أخرى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧)


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.