غيرهم في بعض الأمور تستدعيه ذواتهم، بل ذلك من أحكام المشيئة ومقتضيات الحكم.
فالآية متناولة لزيادات الصور والمعاني، فمن الأولى حسن الصورة خصوصًا الوجه، قيل: ما بعث الله نبيًا إلا حسن الشكل، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - أملح الناس، ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشَّعر الحسن والصوت الحسن، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - طيب النغمة، وفي الحديث:"للهُ أشد أذنًا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة إلى قينته" أي: من استماع مالك جارية مغنية أريد هنا المغنية، وفي الحديث:"زينوا القرآن بأصواتكم"؛ أي: أظهروا زينته بحسن أصواتكم، وإلا فجلَّ كلام الخالق أن يزينه صوت مخلوق، ورخص تحسين الصوت به والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة أو نقصان في الحروف، ومنها حسن الخط، وفي الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخط الحسن يزيد الحق وضحًا"؟ وهو بالفتح: الضوء والبياض، وفي الحديث:"عليكم بحسن الخط، فإنه من مفاتيح الرزق". وقال البروسوي: حسن الخط مما يرغب فيه الناس في جميع البلاد، فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية، وان كانت من الزيادات لا من المقاصد، وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه، ولا يحتاج إلى الغير، فتكون المنة لله على كل حال.
ومن الثانية كمال العقل، وجزالة الرأي، وجراءة القلب، وسماحة النفس، وغير ذلك من الزيادات المحمودة، كعلو الهمة؛ أي: التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى. أو المعنى (١): يزيد في خلق الأجنحة ما يشاء، كما يزيد في أرجل الحيوان ما يشاء، حتى لقد تبلغ فوق العشرين أحيانًا. وهكذا يزيد في تفاوت العقول والنفوس والقوى المادية والمعنوية، كما قيل:
وجملة قوله:{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} ممكن {قَدِيرٌ}؛ أي: بليغ القدرة تعليل لما قبلها من أنه يزيد في الخلق ما يشاء، فإن شمول قدرته تعالى لجميع الأشياء