وقال الشوكاني: والظاهر في معنى الآية: أي: من كان يريد العزة ويطلبها فليطلبها من الله عز وجل، فلله العزة جميعًا ليس لغيره منها شيء، فتشمل الآية كل من طلب العزة، ويكون المقصود بها التنبيه لذوي الأقدار والهمم من أين تنال العزة، ومن أيّ جهة تطلب. اهـ.
{إِلَيْهِ} سبحانه وتعالى لا إلى غيره فقط من الملائكة الموكّلين بأعمال العباد {يَصْعَدُ} ويعرج ويعلو {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} الذي يطلب به العزة، ومعنى صعوده إليه: قبوله له، أو صعود الكتبة من الملائكة بما يكتبونه من الصحف، وخص الكلم الطيب بالذكر لبيان الثواب عليه، وهو يتناول كل كلام يتّصف بكونه طيبًا من ذكر الله، وأمر بمعروف، ونهى عن منكر، وتلاوة، وغير ذلك، فلا وجه لتخصيصه بكلمة التوحيد، أو بالتحميد والتمجيد وقيل: معنى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ}: أي: إلى سمائه، ومحل قبوله، وحيث يكتب الأعمال المقبولة، كما قال:{إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}، وقال الخليل عليه السلام:{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}؛ أي: ذاهب إلى الشام الذي أمرني بالذهاب إليه.
فالظاهر أنّ الكتبة يصعدون بصحيفة إلى حيث أمر الله أن توضع، أو يصعد هو؛ أي: الكلم الطيب بنفسه، فلا حاجة إلى هذه التأويلات، قال بعضهم: بعض الأعمال ينتهي إلى سدرة المنتهى، وبعضها يتعدّى إلى الجنة، وبعضها إلى العرش، وبعضها يتجاوز العرش إلى عالم المثال، وقد يتعدى من عالم المثال إلى اللوح، ثمّ إلى المقام القلمي، ثمّ إلى العماء، وذلك بحسب تفاوت مراتب العمّال في الصدق والإخلاص، وصحة التصوّر والشهود والعيان. انتهى. ولكن لا نقل في ذلك كله، وهو إلى الخرافات أقرب، والأسلم عدم تأويل الآية، كما أشرنا إليه آنفًا. {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}؛ أي: يرفع الكلم الطيب ويحقّقه ويقوّيه، ولا ينال الدرجات العالية إلا به؛ إذ الكلم الطيب لا ينفع مع العصيان، فإنّ الأعمال كالمراقي له، وقول بلا عمل كثريد بلا دسم، وسحاب بلا مطر، وقوس بلا وتر، وهذا المعنى هو الظاهر هنا كما في "الإرشاد"، وقال به الحسن وشهر بن حوشب وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وغيرهم، ومعناه، أنه لا يقبل الكلم إلا مع العمل الصالح، وقيل: إن فاعل {يَرْفَعُهُ} هو الكلم الطيب، ومفعوله: العمل الصالح، ويؤيده قراءة نصب العمل, ومعناه: أنّ العمل الصالح لا يقبل إلا مع التوحيد والإيمان, وقيل: إن فاعل