ثقة بفهم السامع، فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه أن يعمر على الاستخدام. والمعنى: وما يمد في عمر أحد، ولا ينقص من عمر أحد، لكن لا معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدًا، بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصًا. {إِلَّا} وهو مثبت {فِي كِتَابٍ} عظيم ولوح محفوظ، أو في علم الله، أو في صحيفة كل إنسان.
واعلم: أن الزيادة والنقصان في الآية بالنسبة إلى عمرين كما عرفت، وإلا فمذهب أكثر المتكلمين وعليه الجمهور أن العمر يعني: عمر شخص لا يزيد ولا ينقص، وقيل: الزيادة والنقص في عمر واحد باعتبار أسباب مختلفة أثبت في اللوح، مثل أن يكتب فيه: إن حج فلان فعمره ستون، وإلا فأربعون، فإذا حج فقد بلغ الستين، وقد عمر، وإذا لم يحج فلا يجاوز الأربعين، فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون، وكذا إن تصدق، أو وصل الرحم فعمره ثمانون، وإلا فخمسون، وإليه أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"الصدقة والصلة تعمران الديار، وتزيدان في الأعمار".
وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما (١): وما يعمر من معمر إلا كتب عمره كم هو سنة، وكم هو شهرًا، وكم هو يومًا، وكم هو ساعة، ثم يكتب في كتاب آخر نقص من عمره يوم، نقص من عمره شهر، نقص سنة، حتى يستوفي أجله. وقال ابن جبير أيضًا: فما مضى من أجله فهو النقصان، وما يستقبله فهو الذي يعمره، فالهاء على هذا للمعمر، وعن سعيد أيضًا: يكتب عمره كذا وكذا سنة، ثم يكتب أسفل ذلك: ذهب يوم، ذهب يومان، حتى يأتي إلى آخره.
وعن قتادة: المعمر: من بلغ ستين سنة، والمنقوص من عمره: من يموت قبل الستين سنة. وقيل: إن الله كتب عمر الإنسان مئة سنة إن أطاع، وتسعين إن عصى، فأيُّهما بلغ فهو كتاب، وهذا مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره - أي: يؤخر في عمره - فليصل رحمه".
والضمير على هذا يرجع إلى المعمَّر. وقيل: المعنى: وما يعمر من معمر؛ أي: هرم، ولا ينقص آخر من عمر الهرم إلا في كتاب، أي: بقضاء من الله