للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فضله يوم القيامة نصبهم في مقام الشفاعة ليشفعوا فيمن وجبت لهم النار من الأقرباء وغيرهم.

وجملة قوله: {إِنَّهُ غَفُورٌ} تعليل (١) لما قبله من التوفية والزيادة؛ أي: غفور لفرطاتهم وفي "بحر العلوم": ستَّار لكل ما صدر منهم مما من شأنه أن يستر، محاء له عن قلوبهم، وعن ديوان الحفظة. {شَكُورٌ} لطاعاتهم؛ أي: مجازيهمِ عليها وومثيب لهم، وقيل (٢): إن هذه الجملة هي خبر إن في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ} مع تقدير رابط؛ أي: غفور لهم، وتكون جملة {يَرْجُونَ} في محل نصب على الحال من فاعل {أَنْفَقُوا}، والأول أولى.

وفي "التأويلات النجمية": غفور يغفر تقصيرهم في العبودية، شكور يشكر يسعيهم مع التقصير بفضل الربوبية.

وحاصل معنى الآية: أن الذين يتبعون كتاب الله تعالى، ويعملون بما فرض فيه من فرائض، فيؤدون الصلاة المفروضة لمواقيتها على ما رسمه الدين بإخلاص وخشية من ربهم، ويتصدقون مما أعطاهم من الأموال سرًا وعلانية بلا بسط ولا إسراف، هؤلاء قد عاملوا ربهم راجين ربح تجارتهم بنيلهم عظيم ثوابه كفاء ما قدّموا من عمل مع الإخبات والإنابة إليه، ويبتغون فضلًا منه ورحمة فوق ذلك، وغفرانًا لما فرط من زلّاتهم، وما اجترحوا من سيئاتهم، فالله هو الغفور لما فرط من المطيعين من الزلات، الشكور لطاعاتهم، فمجازيهم عليها الجزاء الأوفى، ونحو الآية قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}.

قال أبو الليث: الشكر على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: الشكر ممن دونه يكون بالطاعة وترك مخالفته.

والوجه الثاني: الشكر ممن هو شكله يكون بالجزاء والمكافأة.

والوجه الثالث: الشكر ممن فوقه يكون رضي منه باليسير، كما قال بعضهم الشكور: هو المجازي بالخير الكثير على العمل اليسير، والمعطي بالعمل في أيام


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.