للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها، وهذا هو الأولى بالترجيح، أو الضمير للسابق فقط، وجمعه لأن المراد بالسابق الجنس، وعلى هذا فتخصيص حال السابقين ومآلهم بالذكر، والسكوت عن الفريقين الآخرين وإن لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقًا لكن فيه تحذير لهما من التقصير، وتحريض على السعي في إدراك شؤون السابقين.

والأول هو الأصح، وعليه عامة أهل العلم، كما في "كشف الأسرار" قال أبو الليث: في تفسير أول الآية وآخرها دليل على أن الأصناف الثلاثة كلهم مؤمنون يدخلون الجنة، فأما أول الآية فقوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} فأخبر أنه أعطى الكتاب لهؤلاء الثلاث، وأما آخر الآية فقوله: {يَدْخُلُونَهَا}؛ إذ لم يقل: يدخلانها. وفي "التأويلات النجمية": لما ذكرهم أصنافًا ثلاثة رتّبها, ولما ذكر حديث الجنة والتنعّم والتزيّن فيها .. ذكرهم على الجمع، فقال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ} الآية، نبَّه على أنّ دخولهم الجنة لا باستحقاق بل بفضله، وليس في الفضل تميّز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم.

وقرأ الجمهور: {يَدْخُلُونَهَا} مبنيًا للفاعل، وقرأ أبو عمرو: {يَدْخُلُونَهَا} مبنيًا للمفعول، وقرأ زر بن حبيش والزهري {جنة} على الإفراد، والجمهور: {جَنَّاتُ} بالجمع.

{يُحَلَّوْنَ} خبر ثان، أو حال مقدرة؛ أي: يلبسون على سبيل التزيُّن والتحلي نساءً ورجالًا {فِيهَا}؛ أي: في تلك الجنات {مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} {مِن} الأولى تبعيضية، والثانية بيانية، أي: يحلون بعض أساور كائنة من ذهب؛ لأنه أفضل من سائر أفرادها، والأساور جمع أسورة جمع سوار، كما سيأتي. {وَلُؤْلُؤًا} بالنصب معطوف على محل من أساور، واللؤلؤ: الدر؛ أي: ويحلون لؤلؤًا.

وقرأ الجمهور: {يُحَلَّوْنَ} بضم الياء وفتح الحاء وشدّ اللام مبنيًا للمفعول، وقرىء بفتح الياء وسكون الحاء وتخفيف اللام من حليت المرأة، فهي حال إذا لبست الحلىّ، وقرأ عاصم ونافع: {لؤلؤا} بالنصب عطفًا على محل {مِنْ أَسَاوِرَ}، والباقون: بالجر عطفًا على {ذَهَبٍ}.

وقال في "بحر العلوم": معطوف على {ذَهَبٍ} فإنهم يسوّرون بالجنسين: أساور من ذهب، ومن لؤلؤ، وذلك على الله يسير، وكم من أمر من أمور الآخرة