للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ} متعلق بقوله: {مُتَّكِؤُنَ} وهو خبر المبتدأ قُدّما عليه لرعاية الفواصل. ويجوز أن يكون {فِي ظِلالٍ} خبرًا، ومتكئون على الأرائك خبرًا ثانيًا. والظلال: جمع ظل أو ظلة، وهو الستر الذي يسترك من الشمس. والأرائك: السرر في الحجال، كما سيأتي بسطه. والاتكاء: الاعتماد على الشيء؛ أي: معتمدون في ظلال على السرر في الحجال. والاتكاء على السرر دليل التنعيم والفراغ.

فإن قلت: كيف يكون أهل الجنة في ظلال، والظل إنما يكون حيث تكون الشمس، وهم لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا؟.

قلت: المراد بالظل هناك: ظل أشجار الجنة من نور العرش، لئلا يبهر أبصار أهل الجنة. فإنه أعظم وأقوى من نور الشمس، وقيل: من نور قناديل العرش. كذا في حواشي ابن الشيخ.

وقرأ الجمهور (١): {فِي ظِلالٍ} بكسر الظاء وبالألف، جمع ظل كذئب، وذئاب. وقرأ ابن مسعود، وعبيد بن عمير، والأعمش، ويحيى بن وثاب، وحمزة، والكسائي، وخلف: {في ظلل} بضم الظاء من غير ألف، جمع ظلة. وعلى القراءتين فالمراد: الفرش والستور، التي تظلل كالخيام والحجال. وقرأ عبد الله {متكئين} بالنصب على الحال.

ومعنى الآية (٢): أي هم وأزواجهم في ظل لا يضحون لشمس، لأنه لا شمس فيها. وألذ شيء لدى العربي أن يرى مكانًا فيه ظل ظليل وأنهار جارية، وأشجار مورقة وهم فيها متكئون على السرر التي عليها الحجال (الناموسيات). وهذا منتهى ما تسمو إليه النفوس من لذة، لدى من نزل عليه التنزيل.

وقال الإمام في سورة النساء: إن بلاد العرب كانت في غاية الحرارة، فكان الظل عندهم من أعظم أسباب الراحة. وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «السلطان ظل الله في الأرض».


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.