بعضهم هنا، داخلة على مقدر يقتضيه المقام، والواو عاطفة على ذلك المقدر، والضمير للمشركين من أهل مكة، والتقدير: ألم يتفكر أهل مكة ولم يعلموا علما يقينيًا هو في حكم المعاينة؛ أي: قد رأوا وعلموا (أنا) نحن بمقتضى جودنا وكرمنا {خَلَقْنا} وأوجدنا {لَهُمْ}؛ أي: لأجلهم وانتفاعهم {مِمَّا عَمِلَتْـ} ـه {أَيْدِينا}؛ أي: مما تولينا إحداثه بيدنا، لم يشاركنا فيه غيرنا، بمعاونة وتسبب؛ أي: مما أبدعناه وعملناه من غير واسطة ولا شركة. وإسناد العمل إلى الأيدي مبالغة في الاختصاص والتفرد بالخلق، كما يقول الواحد منا: عملته بيدي للدلالة على تفرده بعمله. وقال في «الأسئلة المقحمة»: الأيدي هنا صلة، وهو كقوله:{بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}، ومذهب العرب الكناية باليد، والوجه عن الجملة، انتهى. والجمع في الأيدي للتعظيم، كأنه قال: مما عملته يدنا. واليد صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى، نثبته ونعتقده، لا نمثله ولا نكيفه. و {ما} موصولة بمعنى الذي، وحذف العائد لطول الصلة. ويجوز أن تكون مصدرية. {أَنْعامًا} مفعول {خَلَقْنا}، أخّره جمعًا بينه وبين أحكامه، المتفرعة عليه بقوله تعالى:{فَهُمْ لَهَا} إلخ. جمع نعم. وهي الماشية الراعية. وهي: الإبل والبقر والغنم؛ أي: الضأن والمعز مما في سيره نعومة؛ أي: لين، ولا يدخل فيها الخيل، والبغال، والحمر لشدة وطئها الأرض. وخص بالذكر من بين سائر ما خلق الله من المعادن، والنبات، والحيوان غير الأنعام لما فيها من بدائع الفطرة، كما في الإبل، وكثرة المنافع كما في البقر والغنم.
والفاء في قوله:{فَهُمْ لَها مالِكُونَ} للتفريع، و {الفاء} التفريعية هي التي كان ما قبلها علة لما بعدها، عكس التعليلية، أي: فلأجل خلقنا إياها لمنافعهم، هم لتلك الأنعام مالكون ملك التصرف بتمليكنا إياهم، وهم متصرفون فيها بالاستقلال، يختصون بالانتفاع بها، لا يزاحمهم في ذلك غيرهم.
ومعنى الآية (١): أي أولم يشاهد هؤلاء المشركون بالله الأصنام والأوثان أنا