للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَهُوَ}؛ أي: الله المنشىء سبحانه {بِكُلِّ خَلْقٍ}؛ أي: مخلوق {عَلِيمٌ} لا تخفى عليه خافية، ولا يخرج عن علمه خارج كائنًا ما كان، يعلم تفاصيل المخلوقات بعلمه وكيفية خلقها. فيعلم أجزاء الأشخاص المتفتتة المتفرقة في المشارق والمغارب، والتي بعضها في أبدان السباع، وبعضها في جدران الرباع، أصولها وفروعها وأوضاع بعضها من بعض، من الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق، فيعيد كلا من ذلك، على النمط السابق، مع القوى التي كانت قبل.

وقد استدل أبو حنيفة (١)، وبعض أصحاب الشافعي، بهذه الآية، على أن العظام، مما تحله الحياة. وقال الشافعي: لا تحله الحياة، وأن المراد بقوله: {مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ}؛ أي: من يحيي أصحاب العظام على تقدير مضاف محذوف، ورد بأن هذا التقدير خلاف الظاهر.

وعبارة الروح هنا: وقد تمسك (٢) بظاهر الآية الكريمة من أثبت للعظم حياة، وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميت. وهو الشافعي، ومالك، وأحمد. وأما أصحابنا الحنفية، فلا يقولون بنجاسته كالشعر، ويقولون: المراد بإحياء العظام: ردها إلى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة في بدن حي حساس. واختلفوا في الآدمي هل يتنجس بالموت؟. فقال أبو حنيفة: يتنجس؛ لأنه دموي، إلا أنه يطهر بالغسل كرامة له، وتكره الصلاة عليه في المسجد. وقال الشافعي، وأحمد: لا يتنجس به، ولا تكره الصلاة عليه فيه. وعن مالك خلاف، والأظهر عنه: الطهارة، وأما الصلاة عليه في المسجد فالمشهور من مذهبه كراهتها، كقول أبي حنيفة، انتهى. انظر ما بين عبارة الشوكاني، وعبارة البروسوي من التناقض فيما قاله الشافعي. والصواب ما في البروسوي.

والمعنى (٣): أي قل أيها الرسول لهذا المشرك القائل لك: من يحيي العظام وهي رميم: يحييها الذي ابتدع خلقها أول مرة ولم تكن شيئًا، وهو العليم


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.