للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تأملوه .. لوجدوا فيه غاية الإقناع. {إِلَهٌ وَاحِدٌ} {إِلَهٌ} خبر المبتدأ؛ {وَاحِدٌ}: صفته، وهو - أعني لفظ {وَاحِدٌ} - الخبر في الحقيقة؛ لأنه محط الفائدة، ألا ترى أنه لو اقتصر على ما قبله لم يفسد، وهو ذا يشبه الحال الموطئة، نحو: مررت يزيد رجلًا صالحًا، فرجلًا حال، وليست مقصودة، إنما المقصود وصفها.

{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} هذه الجملة تقرير للوحدانية؛ لأن الاستثناء هنا إثبات من نفي، فهو بمنزلة البدل، والبدل هو المقصود بالنسبة، وإزاحة لأن يتوهم أن في الوجود إلهًا، ولكن لا يستحق منهم العبادة، ذكره الكرخي.

{لَآيَاتٍ} التنكير في آيات للتفخيم، أي: آيات عظيمة دالة على قدرة قاهرة، وحكمة باهرة.

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} {إِنَّ}: حرف توكيد ونصب، والجار والمجرورات به خبرها مقدم، واسمها قوله: {لَآيَاتٍ} بزيادة لام الابتداء فيه، والتقدير: إن آيات لكائنة في خلق السموات ... الخ فيفيد هذا التركيب أن في كل واحد من هذه المجرورات آيات متعددة، وهو كذلك كما بيناه فيما مر.

{كَحُبِّ اللَّهِ}: فيه تشبيه مرسل مجمل حيث ذكرت الأداة، وحذف وجه الشبه.

{أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} التصريح بالأشدِّية أبلغ أن يقال: أحب لله، كقوله: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} مع صحة أن يقال: أو أقسى.

{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} فيه وضع الظاهر موضع المضمر، والظاهر أن يقال: {ولو يرون} لإحضار الصورة في ذهن السامع، وتسجيل لسبب في العذاب الشديد، وهو الظلم الفادح.

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا ...} إلخ في هذه الجمل من أنواع البديع نوع يسمى الترصيع؛ وهو أن يكون الكلام مسجوعًا، كقوله تعالى: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} وهو في القرآن كثير، وهو في هذه الآية في موضعين:

أحدهما: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} وهو محسن الحذف