{بِنُصْبٍ}؛ أي: ضر وبلاء {وَعَذابٍ}؛ أي: إيجاع وألم شديد. فعطفه على النصب من عطل المسبب على السبب. وقرأ الجمهور:{أَنِّي} بفتح الهمزة على أنه حكاية لكلامه الذي نادى ربه به، ولو لم يحكه لقال: إنه مسه. لأنه غائب. وقرأ عيسى بن عمر: بكسرها على إضمار القول، وأسند المس إلى الشيطان، قال الزمخشري: لما كانت وسوسته إليه، وطاعته له فيما وسوس، سببا فيما مسه الله به من النصب والعذاب، نسب إليه، وقد راع الأدب في ذلك، حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه، مع أنه فاعله، ولا يقدر عليه أحد إلا هو.
والمعنى: واذكر يا محمد لقومك، صبر أيوب حين نادى ربه، وقال: رب إني أصبت بالمرض، وتفرق الأهل، وضياع الولد. ولا يناسب مناصب الأنبياء ما ذكره الزمخشري، من أن أيوب، كانت منه طاعة للشيطان فيما وسوس به، وأن ذلك، كان سببًا لما مسه الله به من النصب والعذاب.
وقرأ الجمهور:{بِنُصْبٍ} بضم النون وسكون الصاد، قيل: جمع نصب كوثن ووثن، وأسد وأسد. وقيل: هو لغة في النصب نحو: رشد ورشد، وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة، ونافع في رواية عنه، وأبو عمارة في حفص، والجعفي، وأبو معاذ عن نافع بضمتين، ورويت هذه القراءة عن الحسن. وقرأ زيد بن علي، والحسن في رواية، والسدي، وابن أبي عبلة، ويعقوب، والجحدري بفتحتين، وقرأ أبو حيوة، ويعقوب في رواية، وهبيرة عن حفص بفتح النون وسكون الصاد، وهذه القراءات كلها بمعنى واحد، وإنما اختلفت القراءات باختلاف اللغات، وقال أبو عبيدة: إن النَّصَبَ - بفتحتين -: التعب والإعياء.
وعلى بقية القراءات: الشر والبلاء.
ومعنى قوله:{وَعَذابٍ}؛ أي: ألم. قال قتادة، ومقاتل: النصب في الجسد والعذاب في المال، قال النحاس: وفيه بعد كذا قال. والأولى تفسير النصب بالمعنى اللغوي، وهو التعب والإعياء، وتفسير العذاب بما يصدق عليه مسمى العذاب، وهو الألم، وكلاهما راجع إلى البدن.