للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كثيف، قد دخل معكم النار، كما كانوا قد دخلوا معكم في الضلال.

والمعنى: يقول الخزنة لرؤساء الطاغين، إذا دخلوا النار مشيرين إلى الأتباع الذين أضلوهم: {هَذَا}؛ أي: الأتباع فوج، وجمع تبعكم في دخول النار بالاضطرار، كما كانوا قد تبعوكم في الكفر والضلالة بالاختيار، فانظروا إلى أتباعكم لم يحصل بينكم وبينهم تناصر، وانقطعت مودتكم، وصارت عداوة، قيل: يضرب الزبانية المتبوعين، والأتباع معًا بالمقامع، فيسقطون في النار خوفًا من تلك المقامع. فذلك هو الاقتحام.

أي: وهذا حكاية لقول الملائكة، الذين هم خزنة النار، وذلك أن القادة، والرؤساء إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع، قالت الخزنة للقادة: هذا فوج، يعنون: الأتباع {مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ}؛ أي: داخل ومدفوع معكم إلى النار.

وقوله: {لا مَرْحَبًا بِهِمْ} من قول القادة والرؤساء، لما قالت لهم الخزنة ذلك قالوا؛ أي: الرؤساء والقادة في شأن الأتباع: {لا مَرْحَبًا بِهِمْ}؛ أي: لا اتسعت منازلهم في النار.

والمعنى: لا كرامة لهم، وجملة (١) {لا مَرْحَبًا بِهِمْ} دعائية، لا محل لها من الإعراب أو صفة للفوج أو حال منه، أو بتقدير القول؛ أي: مقولًا في حقهم: لا مرحبًا بهم. وقيل: إنها من تمام قول الخزنة، والأول أولى كما يدل عليه جواب الأتباع الآتي.

وجملة {إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ}؛ أي: داخلون فيها، كما دخلنا فيها تعليل من جهة القائلين؛ أي: إنهم صالوا النار كما صليناها، ومستحقون لها كما استحققناها. أو تعليل من جهة الخزنة، لاستحقاقهم الدعاء عليهم؛ أي: داخلون النار بأعمالهم السيئة، وباستحقاقهم.

وقوله: {لا مَرْحَبًا} مصدر (٢) بمعنى: الرحب، وهو السعة. و {بِهِمْ} بيان


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.