وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإظهار في موضع الإضمار في قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ} بعد قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} لتعظيمه، ومزيد الاعتناء بشأنه، ولا تكرار فيه؛ لأن الأول في بيان شأن المنزل، وكونه من عند الله، وهذا في بيان شأن المنزل إليه، وما يجب عليه.
ومنها: الإتيان بـ {أَلا} التي للتنبيه والاستفتاح في قوله: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} إشعارًا بأهمية ما بعدها، وطلبًا للإصغاء إليه.
ومنها: التأكيد بالمصدر الملاقي لعامله في المعنى في قوله: {إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى}؛ أي: قربى.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}؛ لأن الأصل يحكم بينهم وبين المسلمين، فحذف المقابل إيجازا للكلام، أو اكتفاء بالمذكور.
ومنها: الطباق بين {تكفروا، وتشكروا} وبين {يرجو، ويحذر} وبين {فوقهم، وتحتهم} وبين {ضر، ونعمة}.
ومنها: أسلوب التدريج في قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ}. فإنه عبر (١) عن الأزواج بالإنزال؛ لأنها تكونت بالنبات، والنبات بالماء المنزل، وهذا يسمى التدريج، ومنه: قوله تعالى: {قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباسًا} الآية.
ومنها: الجناس المغاير في قوله: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ}، وفي قوله:{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}، وفي قوله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ}.
ومنها: الإيجاز بالحذف، لدلالة السياق عليه، في قوله: {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ