وأخرج الحاكم والطبراني عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا نقول ما لمفتتن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة .. أنزل فيهم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ...} الآية.
وأخرج الطبراني بسند فيه ضعف، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وحشي قاتل حمزة، يدعوه إلى الإِسلام، فأرسل إليه: كيف تدعوني، وأنت تزعم أن من قتل، أو زنى، أو أشرك .. {يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩)} وأنا صنعت ذلك، فهل تجد لى من رخصة، فأنزل الله تعالى:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} الآية. فقال وحشي: هذا شرط شديد، فلعلّي لا أقدر على هذا، فأنزل الله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} فقال وحشيّ: هذا أرى بعده مشيئة، فلا أدري أيغفر لي أم لا، فهل غير هذا، فأنزل الله تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ...} الآية. فقال وحشي: هذا نعم فأسلم.
قوله:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ ...} الآية، سيأتى سبب نزولها في سورة الكافرون، وأخرج البيهقي في "الدلائل" عن الحسن البصري قال. قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أتضلل آباءك وأجدادك يا محمد، فأنزل الله تعالى:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} إلى قوله: {مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: مر يهودي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كيف تقول يا أبا القاسم: إذا وضع الله السموات على ذه، والأرضين على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، فأنزل الله سبحانه:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...} الآية. والحديث في "الصحيح" بلفظ: فتلا، دون فأنزل.
وأخرج أحمد بسنده، عن علقمة عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم، أبلغك أنَّ الله عزّ وجل يحمل الخلائق على إصبع، والسموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجده، فأنزل الله عز وجل:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} والحديث رجاله رجال الصحيح.