وقوله:{وَالسَّمَاوَاتُ} مبتدأ {مَطْوِيَّاتٌ} خبره {بِيَمِينِهِ} متعلق بـ {مَطْوِيَّاتٌ}؛ أي: مجموعات وملفوفات ومدرجات بيمينه تعالى يوم القيامة؛ أي: والسموات على سعتها وعظمها مطويات بيمينه، من طويت الشيء طيًّا؛ أي: أدرجته إدراجًا.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ما السموات السبع والأرضون السبع في يد الله، إلا كخردلة في يد أحدكم.
والمعنى: أن الأرض جميعًا تحت ملكه يوم القيامة، يتصرف فيها كيف يشاء، ولا يتصرف فيها سواه، والسموات مطويات طي السجل للكتب، بقدرته التي لا يتعاصى معها شيء، وفي هذا رمز إلى أن ما يشركونه معه في الأرض أو في السماء مقهور تحت سلطانه جل شأنه، روى البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض".
وقال سفيان بن عيينة: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه، فتفسيره تلاوته، والسكوت عليه، وقال ابن كثير: وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف.
وقال بعضهم: المعنى: والأرض جميعًا قبضته تعالى، يقبضها بشماله يوم القيامة، والسموات مطويات يطويها بيمينه، بدليل مقابلة السماء بالأرض، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقبض الله السموات بيمينه، والأرضين بيده الأخرى، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك أين ملوك الأرض". وفيه إشعار بطلاق اسم الشمال على اليد الأخرى، وهما صفتان ثابتتان لله تعالى، نثبتهما ونعتقدهما بلا تكييف ولا تمثيل، وخص يوم القيامة بالذكر، وإن كانت قدرته شاملة؛ لأن الدعاوى تنقطع فيه، كما قال تعالى:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} كما مر. وقرأ الجمهور (١): {مَطْوِيَّاتٌ} بالرفع، على أنها خبر المبتدأ، والجملة في محل نصب على الحال، كالتي قبلها، وقرأ عيسى والجحدري؛ بنصب {مطويات}،