الدنيا، يعني: يشرق بذلك النور وجه الأرض المبدلة، بلا شمس ولا قمر ولا غيرهما من الأجرام المنيرة، ولكون المعنى ذلك أضيف النور إلى الاسم الجليل، وفي الحديث الصحيح:"يحشر الناس على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي، ليس بها علم أحد".
قرأ الجمهور:{أشرقت} مبنيًا للفاعل؛ أي: أضاءت، وقرأ ابن عباس وأبو الجوزاء وعبيد بن عمير: على البناء للمفعول، من شرقت بالضوء: تشرق إذا امتلأت به.
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ}؛ أي: وضع الكتاب للحساب والجزاء، من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه، أو صحائف الأعمال في أيدي العمال في الأيمان والشمائل، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله، واكتفي باسم الجنس عن الجمع، إذ لكل أحد كتاب على حدة، وقيل: المعنى: وضع الكتاب في الأرض بعدما كان في السماء، قال بعضهم: هذا على إطلاقه غير صحيح؛ لأن كتاب الأبرار في عليين، وكتاب الفجار في سجين، فالذي في السماء يوضع في الأرض حتى اللوح المحفوظ، وأما ما في الأرض فعلى حاله.
{وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ}؛ أي: جيء بهم إلى الموقف، فسئلوا عمّا أجابتهم به أممهم، {وَالشُّهَدَاءِ} الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما في قوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وقيل: الشهداء للأمم، وعليهم من الحفظة والمؤمنين، كما في قوله تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١)} وقيل: المراد بالشهداء: الذين استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله تعالى، وفيه (١) إشارة إلى أن النبيين والشهداء إذا دعوا للقضاء والحكومة والمحاسبة فكيف يكون حال الأمم، وأهل المعاصي والذنوب.
{وَقُضِيَ}؛ أي: حكم {بَيْنَهُمْ}؛ أي: بين العباد {بِالْحَقِّ}؛ أي: بالعدل {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}؛ أي: والحال أنهم لا ينقصون من ثوابهم، ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم؛ أي: لا يظلمون بنقص ثواب، وزيادة عقاب على ما جرى به