قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ...} الآية، وجه (١) مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لمّا أمر في الآيات السابقة بتحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة، طال خوض أهل الكتاب في ذلك، وأنكروا على المسلمين التحول إلى الكعبة، ووقع الجدال بينهم وبين المسلمين، حتى بلغ أشده، وادعى كل من اليهود والنصارى أن الهدى مقصور على قبلته، وكانوا يرون أن الصلاة إلى غير قبلتهم لا يقبلها الله تعالى، ولا يكون صاحبها متبعًا دين الأنبياء، كما كان المسلمون يرون أن الصلاة لا يقبلها الله إلا إذا كانت إلى المسجد الحرام قبلة إبراهيم أبي الأنبياء جميعًا .. فلأجل هذا بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أنّ تولية الوجوه قبلة مخصوصة ليس هو البر المقصود من الدين؛ لأنه إنما شرع لتذكير المصلي بأنه يناجي ربه ويدعوه وحده، ويعرض عن كل ما سواه، وليكون شعارًا لاجتماع الأمة على مقصد واحد، فيكون في ذلك تعويدهم في سائر