وقرىء: بكسر الجيم، وفي "تاريخ الطبري": اسمه جبر، وقيل: حبيب النجار، وهو الذي عمل تابوت موسى حين أرادت أمه أن تلقيه في اليم، وهو غير حبيب النجار صاحب يس، وقيل: خربيل بن نوحائيل أو حزقيل، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: حزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}، وحبيب النجار صاحب ياسين، وعلي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وهو - رضي الله عنه - أفضلهم" كما في "إنسان العيون" نقلًا عن "العرائس".
وقال ابن الشيخ في "حواشيه": روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس، ومؤمن آل فرعون، والثالث: أبو بكر الصديق وهو أفضلهم" انتهى. وقال صاحب "روح البيان": يمكن أن يقال لا مخالفة بين هاتين الروايتين لما أن المراد تفضيل أبي بكر في الصديقية، وتفضيل علي في السبق، وعدم صدور الكفر عنه، ولو لحظةً، فأفضلية كل منهما من جهة أخرى.
ثم إن الروايتين دلتا على كون ذلك الرجل قبطيًا، لا إسرائيليًا، وأيضًا أن فرعون أصغى إلى كلامه واستمع منه، ولو كان إسرائيليًا لكان عدوًا له، ولم يكن ليصغي إليه.
قال في "التكملة": فإن قلت: الآل قد يستعمل في غير القرابة بدليل قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ولم يرد إلا كل من كان على دينه من ذوي قرابته وغيرهم؟
فالجواب: أن هذا الرجل لم يكن من أهل دين فرعون وإنما كان مؤمنًا، فإذا لم يكن من أهل دينه .. فلم يبق لوصفه بأنه من آله إلا أن يكون من عشيرته. انتهى، وقيل: كان إسرائيليًا ابن عم قارون، أو أبوه من آل فرعون وأمه من بني إسرائيل، وقيل: كان عربيًا موحدًا ينافقهم لأجل المصلحة، {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}؛ أي: يستره ويخفيه من فرعون وملثه، لا خوفًا بل ليكون كلامه بمحل من القبول، وقيل: خوفًا، وكان قد آمن بعد مجيء موسى أو قبله بمئة سنة، وكتمه، فلما بلغه خبر قصد فرعون بموسى .. قال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا}؛ أي: أتقصدون قتله ظلمًا بلا دليل، والاستفهام إنكاري، {أَنْ يَقُولَ}؛ أي: لأن يقول أو كراهة أن يقول: {رَبِّيَ اللَّهُ}