{فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}؛ أي: ميزت آياته لفظًا باعتبار فواصل الآيات ومقاطعها ومبادىء السور، ومعنًى بكونها وعدًا ووعيدًا وقصصًا وأحكامًا، وخبرًا وإنشاءً كما في "الشهاب". {فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}؛ أي: لا يقبلون ولا يطيعون، من قولهم: تشفّعت إلى فلان فلم يسمع قولي؛ أي: لم يقبله ولم يعمل به، فكأنه لم يسمعه. {فِي أَكِنَّةٍ} جمع كنان، كأغطية جمع غطاء، وهي خريطة السهام، والمراد: أنها في أغطية متكاثقة، والكنان في الأصل: الغطاء الذي يكنّ فيه الشيء؛ أي: يحفظ ويستر، وأصل أكنة: أكننة بوزن أفعلة، نقلت حركة النون الأولى إلى الكاف فسكّنت فأدغمت في النون الثانية، فصار أكنة بوزن أفلة. {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} قال في "القاموس": الوقر: ثقل في الأذن، أو ذهاب السمع بالكلية، فهو بمعنى الصمم.
{فَاعْمَلْ}؛ أي: فاستمر على دينك الذي هو التوحيد. {إِنَّنَا عَامِلُونَ}؛ أي: مستمرون على ديننا الذي هو الإشراك. {يُوحَى إِلَيَّ} أصله: يوحى بضم الياء، فيقال: تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، فصار يوحى بالألف في آخره، ولكن كتبت بصورة الياء إشارةً إلى أن أصله ياء. {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}؛ أي: أخلصوا له العبادة، وفيه إعلال بالنقل والتسكين والقلب، أصله: فاستقوموا، نقلت حركة الواو إلى القاف فسكنت إثر كسرة فقلبت ياءً حرف مدّ، مأخوذ من الاستقامة، والاستقامة: الاستمرار على جهة واحدة ولزومها، بحيث لا يلتفت عنها إلى غيرها. {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ}؛ أي: هلاك لهم جملة خبرية اللفظ، إنشائية المعنى، قصد بها الدعاء. {غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ أي: غير مقطوع من قولهم: مَنَنْتُ الحبل: إذا قطعته، ومنه قول ذي الإِصبع:
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ}؛ أي: جبالًا ثوابت لا تتحرّك ولا تميل، جمع راسيةٍ، من رسا الشيء يرسو رسوًّا: نظير سما يسمو سموًا إذا ثبت، وأرساه: غيره إذا أثبته، ومنه المرساة وهو أنجر السفينة إذا وقفت على الأنجر، وفي {رَوَاسِيَ}: إعلال بالقلب، أصله: رواسو من الرسو، قلبت الواو ياءً لتطرفها إثر كسرة. {وَقَدَّرَ فِيهَا