المؤمنين عند إعلامهم بهذا المكتوب الثالث الذي هو الصيام؛ لينبههم على استماع ما يلقى إليهم من هذا التكليف، ولم يحتج إلى نداء في المكتوب الثاني؛ لانسلاكه مع الأول في نظام واحد؛ وهو حضور الموت بقصاص أو غيره، وتباين هذا التكليف الثالث منها.
أسباب النزول
قوله (١) تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ...} الآية، أخرج ابن سعد في "طبقاته" عن مجاهد قال: هذه الآية نزلت في مولاي قيس بن السائب: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}: فأفطر وأطعم لكل يوم مسكينًا.
قوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ...} الآية، عن الصلت بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه، فسكت عنه؛ فأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ ...} الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال: سأل أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - النبي - صلى الله عليه وسلم - أين ربنا؟ فأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ...} الآية. مرسل، وله طرق أخرى.
وأخرج ابن عساكر عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا تعجزوا عن الدعاء فإن الله أنزل علي: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} " فقال رجل: يا رسول الله، ربنا يسمع الدعاء، أم كيف ذلك؟ فأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ...} الآية.