للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أورده بما ذكرنا، من كون الكلام خارجًا من مخرج الكناية.

وقال الإمام الراغب في "المفردات": المثل عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند يقال لما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط، والمثل عام في جميع ذلك، ولهذا لما أراد الله سبحانه وتعالى نفي التشبيه، من كل وجه، خصه بالذكر فقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} انتهى.

والشيء عبارة عن الموجود، وهو اسم لجميع المكونات، عرضًا كان أو جوهرًا. وعند سيبويه الشيء ما يصح أن يعلم ويخبر عنه موجودًا أو معدومًا، ومن (١) فهم هذه الآية الكريمة حق فهمها، وتدبرها حق تدبرها .. مشى بها عند اختلاف المختلفين في الصفات، على طريقة بيضاء واضحة، ويزداد بصيرة إذا تأمل، معنى قوله: {وَهُوَ} سبحانه وتعالى: {السَّمِيعُ} لجميع المسموعات بلا أذن {الْبَصِيرُ} لجميع المرئيات بلا حدقة، وكأنه ذكرهما لئلا يتوهم أنه لا صفة له، كما لا مثل له.

وحاصل معنى الآية: أي ومن حكمته تعالى لبقاء العمران في هذه الحياة، إلى الأجل الذي حدده في علمه، أن خلق لكم من جنسكم زوجات، لتتوالدوا ويكثر النسل، ويستمر بقاء هذا النوع، وجعل للأنعام مثل هذا، وبهذا تنتظم شؤون الحياة لهذا الخليفة، الذي جعله الله في الأرض وتقضى مآربه الدنيوية، من مأكول ومشروب، وتستمر تغذيته على أتم النظم وأكمل الوجوه، فيشكر ربه على ما أولى، ويعبده على ما أنعم، فيفوز بالسعادة في الحياة الآخرة، كما فاز في الدنيا.

وبعد أن ذكر بعض صنعه، الدال على عظمته، أرشد إلى بعض صفاته العظيمة، فقال:

١ - {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}؛ أي: ليس كخالق الأزواج شيء؛ لأنه الفرد


(١) الشوكاني.