سبحانه، وجميع المسلمين بجوارها. {فِي السَّعِيرِ}؛ أي: في النار، سميت بالسعير لالتهابها واتقادها بهم. {لَجَعَلَهُمْ}؛ أي: في الدنيا. {أُمَّةً وَاحِدَةً}؛ أي: جماعة متفقة مهتدين أو ضالين. {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيّ}؛ أي: المعين، الناصر لمن آمن به. {أُنِيبُ} مضارع أناب الرباعي، وأصله: أأنوب بوزن يؤكرم، حذفت الهمزة الثانية لتوالي الأمثال، فصار أنوب بوزن أكرم، نقلت حركة الواو إلى النون، فسكنت إثر كسرة، فقلبت ياء حرف مد. ففيه إعلال بالنقل والتسكين، والقلب والحذف.
{يَذْرَؤُكُمْ}؛ أي: يكثركم أيها الناس، والأنعام، من الذرء وهو البث، قال في "القاموس": ذرأ كجعل خلق، والشيءَ كَثَّره، ومنه الذرية، مثلثة لنسل الثقلين، وقال شارحه في "التاج": وقد يطلق على الآباء والأصول أيضًا، قال تعالى:{أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}، والجمع ذراري كسراري. {لَهُ} جمع مقلاد، وفيه إعلال بالقلب حيث قلبت ألفه ياء، لوقوعها بعد كسرة، عند بناء اللفظ على صيغة منتهى الجموع، وتقدم البسط فيه في سورة الزمر، فجدد به عهدًا، قال الجواليقي في كتابه "المعرب": المقليد: المفتاح، فارسي معرب لغة في الأقليد، والجمع مقاليد، فالمقاليد المفاتيح، وهي كناية عن الخزائن، وقدرته عليها وحفظه لها، وفيه مزيد دلالة على الاختصاص؛ لأن الخزائن لا يدخلها، ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها. {شَرَعَ لَكُمْ}؛ أي: سن لكم {مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} التوصية وكذا الوصية التقديم إلى الغير بما يعمل به مقترنًا بوعظه. {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ}؛ أي: حافظوا عليه، ولا تخلوا بشيء من مقوماته، والمراد بالدين: دين الإسلام، وهو توحيد الله وطاعته، والإيمان برسله واليوم الآخر، وسائر ما يكون به العبد مؤمنًا، كما مرّ {وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}؛ أي: ولا تختلفوا فيه، فتأتوا ببعض وتتركوا بعضًا. {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ}؛ أي: عظم عليهم وشق. {يَجْتَبِي إِلَيْهِ}؛ أي: يصطفي ويجتلب إليه، والاجتباء افتعال من الجباية وهي الجمع، قال الراغب: يقال: جبيت الماء في الحوض؛ أي: جمعته فيه، ومنه قوله تعالى:{يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء، قال تعالى:{لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}، واجتباء الله العبد تخصيصه إياه بفيض إلهي لتحصل له أنواع النعم بلا سعي منه. {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} الشك اعتدال النقيضين عند الإنسان