للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالمراد بالقوم (١): الأمة، كما قال مجاهد، وقال بعضهم: ولقومك من قريش حيث يقال: إن هذا الكتاب العظيم، أنزله الله على رجل من هؤلاء، قال في "الكواشي": أولاهم بذلك الشرف الأقرب، فالأقرب منه - صلى الله عليه وسلم -، كقريش، ثم بني هاشم، وبني المطلب. قال ابن عطاء: شرف لك بانتسابك إلينا، وشرف لقومك بانتسابهم إليك؛ أي: لأن الانتساب إلى العظيم عظم، وإلى الشريف شرف.

ثم جمع الله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع قومه فقال: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه، وعن تعظيمكم وشرككم على أن رزقتموه، وخصصتم به من بين العالمين. وقال القرطبي والصحيح: أنه شرف لمن عمل به كان من قريش، أو من غيرهم، انتهى.

ومعنى الآية (٢): أي فخذ يا محمد بهذا القرآن، المنزل على قلبك، فإنه هو الحق المفضي إلى الصراط المستقيم، والموصل إلى جنات النعيم، والخير الدائم المقيم، وإنه لشرف عظيم لك، ولقومك؛ لأنه نزل بلغتهم على رجل منهم، فهم أفهم الناس به، فينبغي أن يكونوا أسبق الناس إلى العمل به، وسوف تسألون يوم القيامة عن حقه، وأداء شكر النعمة فيه.

أخرج الطبراني وابن مردويه عن عدي بن حاتم قال: كنت قاعدًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ألا إن الله تعالى، علم ما في قلبي من حبي لقومي، فبشرني فيهم"، فقال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} الآية، فجعل الذكر والشرف لقومي، إلى أن قال: "فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي، والشهيد من قومي، وإن الله قلب العباد ظهرًا وبطنًا، فكان خير العرب قريش، وهي الشجرة المباركة". ثم قال عدي: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عنده قريش بخير، إلا سره، حتى يتبين ذلك السرور في وجهه للناس كلهم اهـ.

ونظير الآية، قوله في سورة الأنبياء: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ}؛


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.