وتعالى جعلهم اثنين ذكرًا وأنثى، وقال في "المفردات": لم يجىء في القرآن زوجناهم حورًا، كما يقال: زوجته امرأةً تنبيهًا على أن ذلك لم يكن على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكح انتهى.
ثم الحور جمع الحوراء، وهي البيضاء، والعين جمع العيناء، وهي العظيمة العينين، فالحور هي النساء النقيات البياض، يحار فيهن الطرف لبياضهن وصفاء لونهن، واسعات الأعين حسانها، أو الشديدات بياض الأعين الشديدات سوادها.
وحاصل معنى الآيات: أن (١) المتقين لله في الدنيا الخائفين عقابه، المنتظرين فضله وثوابه، يكونون في الآخرة في مجالس يأمنون فيها من الموت، ومن كل ما يحزنهم ويصيبهم من الآفات والآلام. وقد ذكر سبحانه من ضروب نعيمهم خمسة ألوان:
١ - مساكنهم، كما قال: {مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢)} والمسكن يطيب بأمرين:
الأول: أن يكون من فيه آمنًا من جميع ما يخافه ويحذر منه، وهو المقام الأمين.
الثاني: أن يكون فيه أسباب النزهة من الجنات والعيون. وذلك قوله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢)}.
٢ - ملابسهم، وهي التي عناها سبحانه بقوله:{يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ}.
٣ - استئناس بعضهم ببعض بجلوسهم على جهة التقابل، وهو ما أشار إليه بقوله:{مُتَقَابِلِينَ}.
٤ - الأزواج كما قال: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤)}.