أي: فانتظر يا محمد لما يحل لهم من المقادير، فإن في رؤيتا عبرة للعارفين، وموعظة للمتقين {إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ}؛ أي: منتظرون لما سيحل بك من الدوائر، ولم يضرك ذلك فعن قريب يتحقق أملك، وتخيب آمالهم، وسيعلمون لمن تكون له النصرة والغلبة والظفر، وعلو الكلمة في الدنيا والاخرة، ولا شك أن النصر سيكون لك كما كان لإخوانك من النبيين والمرسلين، ومن تبعهم من المؤمنين، كما قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)}.
وفي الآية فوائد (١):
منها: أنه تعالى بين تيسير القرآن، والتيسير ضد التعسير، وقد قال في آية أخرى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} فبينهما تعارض في الظاهر، والجواب: أنه ميسر باللسان، وثقيل من حيث اشتماله على التكاليف الشاقة على المكلفين، ولا شك أن التلاوة باللسان، أخف من العمل بما فيه.
ومنها: أنه تعالى قال: {بِلِسَانِكَ}، فأشار إلى أنه لو أسمعهم كلامه بغير الواسطة لماتوا جميعًا لعدم تحملهم، قال جعفر الصادق - رحمه الله -: لولا تيسيره، لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القران، وأنى لهم ذلك، وهو كلام من لم يزل، ولا يزال، وقال ابن عطاء: يسر ذكره على لسان من شاء من عباده؛ فلا يفتر عن ذكره بحال، وأغلق باب الذكر على من شاء من عباده، فلا يستطيع بحال أن يذكره.
ومنها: أن انتظار الفرج عبادة، على ما جاء في الحديث؛ لأنه من الإيمان.