للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التهلكة كل ما تصير غايته إلى الهلاك.

البلاغة

{قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} وقد جعل (١) بعض علماء المعاني هذا الجواب من الأسلوب الحكيم، وهو تلقي المخاطب بغير ما يَترقب مُنَبِّها على أنه الأولى بالقصد، ووجه ذلك أنهم سألوا عن أجرام الأهلة باعتبار زيادتها ونقصانها، فأجيبوا بالحكمة التي كانت تلك الزيادة والنقصان لأجلها؛ لكون ذلك أولى بأن يقصد السائل، وأحق بأن يتطلع لعلمه. انتهى.

لأنه من الأحكام الظاهرة (٢) التي شأن الرسول التصدي لبيانها، وأما سبب اختلافه: فهو من قبيل المغيبات التي لا غرض للمكلف في معرفتها، ولا يليق أن تبين له.

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فالمراد بالسبيل دين الله؛ لأن السبيل في الأصل الطريق، ففيه استعارة تصريحية أصلية، حيث شبه دين الله بالسبيل بجامع الوصول إلى المقصود في كلٍّ.

{عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} المراد به الحرم كله، ففيه مجاز مرسل من إطلاق اسم الجزء على الكل.

{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} فيه مجاز بالحذف؛ تقديره: هتك حرمة الشهر الحرام له وقع منكم مقابلٌ بهتك حرمة الشهر الحرام الواقع منهم؛ لأنم قاتلوا المسلمين في عام الحدييبة قتالًا خفيفًا بالرمي بالسهام والحجارة.

{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} تسمية جزاء العدوان عدوانًا من قبيل المشاكلة؛ وهي الاتفاق في اللفظ مع الاختلاف في المعنى، كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} قال الزجاج: العرب تقول: ظلمني فلان فظلمته؛ أي: جازيته بظلمه.

{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فيه مجاز حيث أطلق الأيدى، وأراد الأنفس


(١) شوكاني.
(٢) جمل.