يخفى؛ أي: دع هذا واسمع القول المنكر العجيب، إنهم يقولون: إنّ محمدًا افتراه على الله محمدًا، واختلقه عليه اختلاقًا.
ثمّ أمره الله سبحانه أن يجيب عنهم، ويبطل شبهتهم بقوله:{قُل} لهم يا محمد {إِنِ افْتَرَيْتُهُ} واختلقته على سبيل الفرض والتقدير {فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}؛ أي: فلا تقدرون أن تدفعوا عنّي من عذاب الله شيئًا، إذ لا ريب في أنّ الله تعالى يعاقبني حينئذٍ، فكيف أفتري على الله كذبًا، وأعرض نفسي للعقوبة التي لا خلاص منها؟.
والمعنى: أي قل لهم يا محمد: لو كذبت على الله، وزعمت أنه أرسلني إليكم، ولم يكن الأمر كذلك .. لعاقبني أشدّ العقاب، ولم يقدر أحد من أهل الأرض لا أنتم ولا غيركم أن يجيرني منه، فكيف أقدم على هذه الفرية، وأعرض نفسي لعقابه؟ فالملوك لا يتركون من كذب عليهم دون أن ينتقموا منه، فما بالكم بمن يتعمد الكذب على الله في الرسالة، وهي الجامعة لأمور عظيمة، ففيها الإخبار عن تكليف الناس بما يصلح شأنهم في دينهم ودنياهم.
ثم علَّل ما أفاده الكلام من وجوب الانتقام منهم بقوله:{هُوَ} سبحانه وتعالى: {أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ}؛ أي: أعلم بما تخوضون فيه من قدح القرآن، وطعن آياته، وتسميته سحرًا تارةً، وفريةً أخرى؛ أي: هو أعلم من كل أحد بما تخوضون فيه من التكذيب بالقرآن وغيره.
ثم أكد صدق ما يقول بنسبة علم ذلك إلى الله تعالى فقال:{كَفَى بِهِ} سبحانه وتعالى - و {الباء}: صلة - {شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} حيث يشهد لي بالصدق في البلاغ، وعليكم بالتكذيب والجحود، ولا يخفى ما في هذا من الوعيد الشديد على إفاضتهم في الطعن في الآيات.