مصدق للكتب السماوية كلِّها، لا سيما نفسه؛ لكونه معجزًا. اهـ "كرخي". {وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} وبشرى مصدر على وزن فعلى، كرجعى، وهي بمعنى البشارة، والبشارة: الخبر السار، سمي بشارة؛ لطلاقة بشرة وجهه عند سماعه.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الكناية في قوله: {عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}؛ لأنه كناية عن ترك الاستعداد له بالإيمان والعمل الصالح.
ومنها: الجناس المماثل في قوله: {أَرَأَيْتُمْ} و {أَرُونِي}.
ومنها: التبكيت في قوله: {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا}؛ لأنّ الغرض منه تبكيتهم، وتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلي بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقليّ.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {يَدْعُوا}{وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ}.
ومنها: النكتة البلاغية الرائعة في قوله: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} وذلك أنه جعل يوم القيامة غاية لعدم الاستجابة، ومن شأن الغاية انتهاء المعنى عندها، لكن عدم الاستجابة مستمرّ بعد هذه الغاية؛ لأنهم في القيامة أيضًا لا يستجيبون لهم، فالوجه: أنها من الغايات المشعرة بأن ما بعدها، وإن وافق ما قبلها، إلا أنه أزيد منه زيادة بينة تلحقه بالثاني، حتى كأنّ الحالتين، وإن كانتا نوعًا واحدًا لتفاوت ما بينهما كالشيء وضده، وذلك أنّ الحالة الأولى التي جعلت غايتها القيامة، لا تزيد على عدم الاستجابة، والحالة الثانية التي في القيامة زادت على عدم الاستجابة بالعداوة وبالكفر، بعبادتهم إياهم.
ومنها: التغليب، فغلب العاقل على غيره على سبيل المجاراة معهم، حيث عبّر عن الأصنام وغيره بضمير العقلاء في قوله:{وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}؛ لأن عابدي الأصنام يصفونها بالتمييز جهلًا منهم وغباوةً.